١٤٨ - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ - عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ. فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا، وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
تَأْوِيلِ الْمُتَقَدِّمِينَ. لِأَنَّهُ يَجْعَلُ سُنَّةَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ ذَلِكَ وَيَكُونُ الْفِعْلُ مُبَيِّنًا لِسُنَّةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ. وَعَلَى مَذْهَبِ الْأَوَّلِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يُخَرِّجُوا فِعْلَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فِي الْعِبَادَاتِ عَنْ الْمَشْرُوعِيَّةِ، مَعَ مُخَالِفَتِهِمْ لِلْقِيَاسِ فِي زِيَادَةِ مَا لَيْسَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَدْ أُطْلِقَ فِي الْحَدِيثِ لَفْظُ " الرَّكَعَاتِ " عَلَى الرُّكُوعِ. .
[حَدِيثُ الشَّمْس وَالْقَمَر آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ]
فِي الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى اعْتِقَادِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ تُكْسَفَانِ لِمَوْتِ الْعُظَمَاءِ. وَفِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ» إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي الْخَوْفُ عِنْدَ وُقُوعِ التَّغَيُّرَاتِ الْعُلْوِيَّةِ. وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُ الْحِسَابِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَسْبَابًا عَادِيَّةً. وَرُبَّمَا يَعْتَقِدُ مُعْتَقِدٌ أَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ " وَهَذَا الِاعْتِقَادُ فَاسِدٌ. لِأَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى أَفْعَالًا عَلَى حَسَبِ الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ، وَأَفْعَالًا خَارِجَةً عَنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ. فَإِنَّ قُدْرَتَهُ تَعَالَى حَاكِمَةٌ عَلَى كُلِّ سَبَبٍ وَمُسَبَّبٍ، فَيَقْطَعُ مَا شَاءَ مِنْ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَأَصْحَابُ الْمُرَاقَبَةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِأَفْعَالِهِ، الَّذِينَ عَقَدُوا أَبْصَارَ قُلُوبِهِمْ بِوَحْدَانِيِّتِهِ، وَعُمُومِ قُدْرَتِهِ عَلَى خَرْقِ الْعَادَةِ، وَاقْتِطَاعِ الْمُسَبَّبَاتِ عَنْ أَسْبَابِهَا إذَا وَقَعَ شَيْءٌ غَرِيبٌ. حَدَثَ عِنْدَهُمْ الْخَوْفُ لِقُوَّةِ اعْتِقَادِهِمْ فِي فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى مَا شَاءَ. وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ ثَمَّةَ أَسْبَابٌ تَجْرِي عَلَيْهَا الْعَادَةُ إلَى أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute