للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي لا يجري ثم يغتسل منه.

قال: وذكر شيخنا أبو (١) عبد الله بن مالك: أنه يجوز أيضًا جزمه عطفًا على يبولن، ونصبه بإضمار أن بإعطاء ثم حكم واو الجمع (٢)، قال (٣): فأما الجزم فظاهر، وأما النصب فلا يجوز لأنه يقتضي أن المنهي عنه الجمع بينهما دون إفراد أحدهما وهذا لم يقله أحد بل البول منهي عنه سواء أراد الاغتسال فيه أو منه أم لا.

وهذا التعليل الذي علل به امتناع النصب ضعيف لأنه ليس فيه أكثر من كون هذا الحديث لا يتناول النهي عن البول في الماء الراكد بمفرده، وليس يلزم أن يدل على الأحكام المتعددة بلفظ واحد فيؤخذ النهي عن الجمع من هذا الحديث ويؤخذ النهي عن الإفراد من حديث آخر، والله أعلم (٤).


(١) الأستاذ النحوي محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الطائي الأندلسي الجياني الشافعي، له تصانيف مفيدة منها التسهيل والكافية، توفي سنة ثنتين وسبعين وستمائة. فوات الوفيات (٣/ ٤٠٧) طبقات الشافعية الكبرى (٥/ ٢٨)، غاية النهاية (٢/ ١٨٠).
(٢) شواهد التوضيح (١٦٤).
(٣) أي النووي، انظر شرح صحيح مسلم (٣/ ١٧٨).
(٤) شرح الإلمام (١/ ٣٦٢ - ٣٦٤).
قلت: وكلام ابن دقيق العيد هذا ابتداء من قوله وهذا التعليل إلى آخره نقله العراقي في طرح التثريب (٢/ ٣١) والسيوطي في عقود الزبرجد (٢/ ٣٢٤) ونقله بمعناه الحافظ في الفتح (١/ ٣٤٧) وأجاب الكرماني في شرح البخاري (٣/ ٩٢ - ٩٣) عن النووي بمثل جواب ابن دقيق العيد.
وقال ابن هشام في مغني اللبيب (١/ ١١٩) تعليقأ على كلام النووي: "فتوهم تلميذه الإمام أبو زكريا رحمه الله أن المراد إعطاؤها حكمها في إفادة معنى الجمع وإنما أراد ابن مالك إعطاءها حكمها في النصب لا في المعية أيضًا، ثم ما أورده إنما جاء من قبل المفهوم لا المنطوق، وقد قام دليل آخر على عدم إرادته".
قلت: لعله يشير بالدليل الذي قام على عدم إرادة المفهوم إلى حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه نهى أن يبال في الماء الراكد" أخرجه مسلم في كتاب الطهارة (١/ ٢٣٥) برقم ٢٨١ باب النهي عن البول في الماء الراكد.

<<  <  ج: ص:  >  >>