للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن المديني، أو يحيى بن معين، أو من يجري مجراهم من الأئمة (١) من تصحيح خبر أو ردّه أو تعديل راوٍ أو جرحه، فإليهم المرجع في ذلك:

"إذا قالت حذام فصدّقوها ... فإن القول ما قالت حذام" (٢)

وليس لمن بعدهم أن يعترض ما يجده عن أحد منهم لا سيما من كان في الأعصار البعيدة عن عصرهم؛ اللهم إلا أن يكون الحكم على حديث بسند معين يقتضي الحكم بصحة ذلك الحديث تعديل من تضمنه ذلك السند ويجد من نظر فيه جرحًا مفسرًا في راو من رواته منقولًا عن من يرجع إليه في مثل ذلك فهناك قد يمكن أن يقال: إن الجرح مقدّم على التعديل، وتقبل تلك الطريق حينئذ الرد، وأما حديثنا هذا فأكثر ما فيه الاضطراب بين راوٍ يعرف حاله من غير جرح فيه أو يجهل حاله (٣).

وتصحيح أحمد لا يعارضه جهالة الحال في راوٍ من الرواة إذ تصحيحه مؤذن بتعديل من صح خبره، وأما تضعيف أبي الحسن بن القطان إياه بجهالة الوسائط بين


(١) قلت وقد نقل الحافظ ابن حجر تصحيح ابن معين له وكذا ابن حزم، وقد أطال الحافظ الدارقطني في بيان طرق حديث بئر بضاعة في العلل (١/ ٢٨٥ - ٢٩٠) برقم ٢٢٨٧ وانظر السنن له (١/ ٢٩ - ٣٢) برقم (١٠ - ١٦).
(٢) وقبله بيت:
فلولا المزعجات من الليالي ... لما ترك القطاطيب المنام
إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام
والبيتان قيل إنهما لديسم بن طارق أحد شعراء الجاهلية والصواب كما في اللسان مادة رقش أنهما للجيم بن صعب والد حنيفة وعجل حذام امرأته وفيها يقولهما.
والبيت من شواهد ابن عقيل (١/ ١٠٢) برقم ١٦ وأوضح المسالك (برقم ٤٨١) وشذور الذهب (برقم ٣٨) وكذا الخصائص لابن جني (١/ ٥٦٩) واستشهد به الأشموني في باب ما لا ينصرف.
وقد جرى مجرى المثل وصار يضرب لكل من يعتد بكلامه ويتمسك بمقاله ولا يلتفت إلى ما يقول غيره وفي هذا جاء به المصنف وهو يريد أن أمثال هؤلاء الأئمة يعتد بقولهم ويعتبر بنقلهم وحكمهم لأنهم أرباب هذه الصناعة.
(٣) في هامش نسخة ابن العجمي حاشية:
على ما هو المشهور من حكم. . . الحديث بحكم السند الذي أخرج به.

<<  <  ج: ص:  >  >>