للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - قال لها ذلك من المسجد وهو في المسجد لتناوله إياها من خارج المسجد، لا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تخرجها له من المسجد، لأنه - عليه السلام - كان في المسجد معتكفًا، وكانت عائشة في حجرتها وهي حائض.

قد اختلف في هذا المجرور الذي هو من المسجد بماذا يتعلّق؟

فعلّقته طائفة بقوله: "ناوليني"، واستدلوا به على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة تعرض لها إذا لم يكن على جسدها نجاسة، وأنها لا تمتنع من المسجد إلا مخافة ما يكون منها، وعلقته طائفة أخرى بقولها: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسجد: "ناوليني الخمرة"، على التقديم والتأخير، وعليه المشهور من مذاهب العلماء أنها لا تدخل المسجد لا مقيمة ولا عابرة لقوله - عليه السلام -: "لا أُحِلُّ المسجد لحائض ولا جنب"، وسيأتي الكلام عليه، قالوا: ولأن حدثها أغلظ من حدث الجنابة، والجنب لا يمكث فيه، وإنما اختلفوا في عبوره فيه، والمشهور من مذاهب العلماء منعه فالحائض أولى بالمنع، ويحتمل أن يكون المراد بالمسجد هنا مسجد بيته الذي كان يتنقّل فيه فيسقط الاحتجاج به في هذا الباب جملة، ويكون من باب طهارة ما لم تمسّه النجاسة من أعضاء الحائض كما سبق قال القاضي (١) عياض فيه: إن جسد الحائض طاهر ما لم يصب نجاسة، وكذلك ريقها وإن ما تلتمسه من ذلك لا يتنجس، وأنها لا تمتنع (٢) من المسجد إلا مخافة ما يكون منها، وإليه ذهب زيد بن ثابت وحكاه الخطابي عن مالك والشافعي وأحمد. وأهل الظاهر يجيزون للجنب دخوله إلا أن أحمد يستحب له الوضوء لدخوله.

ومنع سفيان وأصحاب الرأي دخول المسجد جملة، وهو مشهور قول مالك،


(١) إكمال المعلم (٢/ ١٢٩).
(٢) في الإكمال لا تمنع بدل تمتنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>