من العبد أن يريد إلا بإرادة الله تعالى كان الخبر لازمًا، فيكون تكليف ما لا يطاق واقعًا لا محالة.
فإن قلت: لا نسلم أن من ضرورات إرادة عدم الوقوع من الغير، إرادة عدم إرادته بالوقوع.
وأما قوله: وإلا لكان مريدًا لإرادته بالوقوع. فممنوع، وهذا لأن الخلو عن إرادة الشيء وإرادة عدمه بعدم الإرادة ممكن، نعم: الخلو عن إرادة الشيء وعدم إرادته غير ممكن، لكن عدم إرادة [الشيء غير إرادة عدمه]، فإن الثاني أخص من الأول، ولا يلزم من عدم جواز خلو الشيء عن الشيء ونقيضه عدم / (١٧١/أ) جواز خلوه عنه وعن أخص من نقيضه.
سلمنا: ذلك لكنه منقوض بما إنا نعلم أنه تعالى قد يريد منا إرادة وقوع ما لا يريد وقوعه منا بدليل عدم وقوعه منا، فإنه لو تعلق إرادته تعالى بالوقوع منا لوقع منا لا محالة.
قلت: الجواب عن الأول: إن الخلو عن إرادة الشيء وإرادة عدمه بعدم الإرادة، وإن كان ممكنًا لكن في حق من يجوز عليه الجهل، فإما في حق من لا يجوز عليه ذلك، وفي حق من يجب أن يكون عالمًا بجميع الأشياء وبوقوع ما وقع وسيقع منها، وبعدم وقوع ما لم يقع ولا يقع منها فلا.
وهذا ظاهر جدًا على رأي من يقول: لا معني للإرادة والكراهة شاهدًا أو غائبًا إلا العلم بكون الفعل مشتملاً على المصلحة، وبكونه خاليًا عنها سواء كان مشتملاً على المفسدة، أو كان خاليًا عنهما، فإن ذلك أيضًا جهة صرف للحكم لكونه فعله عيبًا.