للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحينئذ لا يكون عدم وقوعه منهما ولا من أحدهما مستلزمًا للمحال المذكور.

قلت: الجواب عن الأول من وجهين:

أحدهما: وهو الوجه العام وهو أنه ليس امتناع إحدى المحاولتين عند المحاولة للأخرى أولى من العكس، فحينئذ إما أن يندفعا وهو باطل، لأن الدافع لوجود كل واحد منهما هو وجود الآخر، فلو اندفعا معًا لوجدا معًا، وهو محال أو يوجدا معًا وهو المطلوب.

وثانيهما: وهو الوجه الخاص فيما نحن فيه دون جميع القادرين، وهو أنه لو امتنع إحدى المحاولتين لسبب الأخرى، فإما أن تمتنع محاولة الله تعالى بسبب محاولة العبد وهو باطل.

أما أولاً: فلأن محاولة الله تعالى قديمة على ما ثبت من قدم إرادته تعالى، ومحاولة العبد حادثة وانعدام القديم محال، فضلاً عن امتناعه، فضلاً أن يكون ذلك بسبب الحادث.

وأما ثانيًا: فلأنه يوجب النقص وهو على الله تعالى محال وفاقًا، وأما أن تمتنع محاولة العبد بسبب محاولة الله تعالى، فحينئذ يلزم أن يمتنع من العبد أن يريد إلا بإرادة الله تعالى. وهذا لأن محاولته تعالى لو نافت محاولة العبد فإنما تنافيها لكونها تتضمن إرادة عدم إرادته بوقوع ذلك الفعل منه، ضرورة أنه لا منافاة بينهما إلا من هذا الوجه، وإن إرادة الشيء تقتضي إرادة ما هو من ضروراته، ومن ضرورات إرادة الوقوع منه تعالى، إرادة عدم وقوعه من الغير ضرورة كونه منافيًا لإرادة الوقوع منه تعالى، ومن ضرورات إرادة عدم الوقوع من الغير إرادة عدم إرادته بالوقوع وإلا لكان مريدًا لإرادته بالوقوع، وإرادة السبب إرادة للمسبب فيكون مريدًا للوقوع منه، وقد ذكرنا أنه مناف لإرادة الوقوع منه تعالى، فيكون مريدًا للشيء وبما ينافيه هذا خلف وإذا لزم أن يمتنع

<<  <  ج: ص:  >  >>