للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما على رأي من يثبتها أمرًا زائدًا على العلم، فمن علل من هؤلاء أفعال الله وتروكه بالمصالح والمفاسد كجمهور المعتزلة فالأمر أيضًا ظاهر على رأيهم لأنه تعالى إن علم أن في الفعل مصلحة أراد وجوده قطعًا، وإن علم أنه لا مصلحة فيه أراد عدمه، إما لمفسدته، أو لكونه عيبًا، والشيء لا يخلو عن هذين القسمين، فلا يخلو عن أن يكون مراد الوجود، أو مراد العدم.

وأما على رأي من لم يعللها بها كجمهور أصحابنا فالأمر أيضًا ظاهر لأن الشيء لا يخلو عن الوجود والعدم، وكل موجود مراد الوجود، وكل معدوم مراد العدم لله تعالى عندهم، فالشيء إذا لا يخلو عن أن يكون مراد الوجود، أو مراد العدم.

فإن قلت: لا نسلم أن كل معدوم فإنه مراد العدم لله تبارك وتعالى عندهم، بل اللازم من مذهبهم أنه لا يحدث شيء من الحوادث إلا بإرادة الله تعالى، والمعدوم الأصلي ليس بحادث حتى يلزم أن يكون مراد العدم على رأيهم، والمعدوم الممكن أعم من المعدوم بعدم طارئ أو بعدم أصلى، فلا يمكن إدعاء أن كل معدوم فإنه مراد العدم عندهم.

نعم: لما كان له صلاحية أن يوجد وصلاحية أن لا يوجد، كان بقاؤه على العدم الأصلي لابد وأن يكون بسبب، وذلك يكفي فيه أن لا يتعلق به إرادة الوجود، لأن عند ذلك ينتفي بسبب وجوده، وهو الإرادة والقدرة النافذة.

فعلى هذا مفهوم كون الشيء غير مراد الوجود، أعم من كونه مراد العدم وهذا لأن الشيء إذا كان مراد / (١٧١/ب) العدم، كان غير مراد الوجود لا

<<  <  ج: ص:  >  >>