وثانيها: أن المتبادر إلى الفهم من قول القائل: "صام فلان" أو "صلى" هو المرة الواحدة، فوجب أن يكون حقيقة فيها، إذ التبادر دليل الحقيقة، وكذلك إذا استعمل صيغة الماضي في الإنشاء نحو بعت، وطلقت ولهذا لم تطلق إلا واحدة، وإذا كانت صيغة الماضي حقيقة في المرة الواحدة سواء كانت بمعني الإخبار أو الإنشاء، وجب أن يكون الأمر أيضًا كذلك ضرورة أن اقتضائهما للمصدر اقتضاء واحد.
وثالثها: أنه لو لم يكن للمرة الواحدة، لكان للقدر المشترك بينها وبين التكرار لما ستعرف فساد غيره من المذاهب وحينئذ يجب أن يكون الأمر مجملاً بالنسبة إلى كل واحد منهما، عند عراية عن القرينة المعينة. وهو باطل خلاف الإجماع.
ورابعها: أنه لو قال الرجل لغيره: "طلق زوجتي" لم يملك أكثر من تطليقة واحدة، فلو لم يكن الأمر حقيقة في المرة الواحدة لم يكن كذلك.
الجواب عن الأول: أنا نفعل بمقتضاه فإنه حقيقة فيها عندنا أيضًا لكن باعتبار القدر المشترك بينها وبين التكرار، فإن ادعى أنه استعمل فيها بحسب خصوصيتها فيجب أن يكون حقيقة فيها بحسبها، فممنوع.
وإن سلم: فنعارضه بمثله، ثم الترجيح معنا على ما عرفت ذلك غير مرة.