للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عتقه، وأما الحربي فإن ملكه الأول قد زال بدخوله دار الحرب، ولم يبق هنا حق في رقبة العبد يمنع عتقه.

ووجه آخر لأصل المسألة: وهو أن الحربي لما لحق بعبده المسلم إلى دار الحرب، وزال الحظر عن رقبته وماله: جاز للمسلمين أن يتملكوه، فكذلك العبد ملك رقبة نفسه بإحرازه لها، ومصيره في يد نفسه وهو مسلم، فملك من رقبته ما كان المولى مالكا منه، كما ملك المسلمون ما غلبوا عليه من ماله بعد لحاقه، وكما لو قهر العبد مولاه: ملكه، وليس كذلك عبد الحربي إذا أسلم في دار الحرب، لأن إسلامه هناك لا يوجب له إحراز رقبته، ولا يصير به في حكم أهل دارنا.

ألا ترى أن من قتله، أو أخذ ماله قبل هجرته إلينا: لم نغرمه، كما لا نضمن نفس الحربي وماله، فهو باق مع الإسلام على ما كان عليه، وأما من كان مسلما في دارنا، فقد أحرز رقبته بدارنا، وصار في منعتنا، كالحربي المسلم بعد خروجه إلينا، فلذلك اختلفا.

*ووجه قول أبي يوسف ومحمد: أن الحربي له ضرب من الملك، فلا يمتنع بقاء ملكه على العبد المسلم إذا أدخله دار الحرب، كما لو أسلم عبده هناك: لم يعتق.

مسألة: [حكم بقاء الحربي بأرض الإسلام بعد انتهاء مدة أمانه]

قال أبو جعفر: (ومن دخل إلينا من دار الحرب بأمان، فتجاوز المدة التي يقيمها مثله: تقدم إليه الإمام في الخروج أو الإقامة، فإن خرج بعد ذلك قبل أن يمضي عليه حول: رجع إلى حربيته، وإن أقام حتى يمضي عليه حول: جعله الإمام ذمة، وجعل عليه الخراج، ومنعه من الرجوع إلى دار الحرب إن حاول ذلك).

<<  <  ج: ص:  >  >>