(لأن هذا الفعل إحسان) أي فعل التغدي إحسان من المتعدي لصاحب الطعام.
فإن قلت: كيف يكون أكل طعام الغير إحسانا لذلك الغير بل هو إحسان لنفسه وهو الأكل؟
قلت: نعم هو أحسان لنفسه وهو ظاهر لكن مع ذلك هو إحسان لصاحب الطعام أيضا.
ألا ترى إلى قصة ضيف إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى:} هل أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ المُكْرَمِينَ (٢٤) إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا {إلى قوله:} فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَاكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً {فلما خاف إبراهيم عليه السلام بسبب تركهم الأكل علم أن أكل طعامه إحسان له منهم؛ لأنهم يزيلون به خوفه، فإزالة الخوف من الغير إحسان له.
(ولا يصلح إتيانه سببا لفعله)؛ لأنه موقوف على اختيار مختار وفعل بإرادة، والحكم ما يحصل عقيب السبب كالملك عقيب الشراء والحل عقيب النكاح، وفي هذا موقوف على اختيار مختار، فلذلك لم يصلح إتيانه سببا لفعله بخلاف ما إذا كان بين اثنين بأن قال: إن لم آتك حتى تغذيني حيث صار الأول سببا للثاني، والثاني حكما للأول، وإن توقف على فعل مختار؛