(والثابت بالدلالة مثله إذا ثبت بالصريح) يعني الحكم الثابت بالدلالة مثل الحكم الثابت بالصريح عند عدم الصريح، ولو كان قال: قبضت المبيع لكني لم أقبض كان رجوعًا فكذا ها هنا، ولا يقال بأنه بقوله: لكني لم أقبضها، والدلالة إنما تعمل عمل الصريح إذا لم يكن الصريح مخالفًا لها.
فأما إذا كان مخالفًا لها فلا عبرة لها بمقابلة الصريح؛ لأنا نقول: إن ذلك فيما إذا تعارضا.
فأما إذا ثبت موجب الدلالة أولًا فلا، وهاهنا ثبت موجب الدلالة أولًا وهو قبض المبيع على ما ذكرنا، ثم قوله:"لم أقبضها" إنما وجد بعد ثبوت موجب الدلالة فلا يكون ذلك معارضًا بل يكون رجوعًا.
وذكر في "المبسوط" في تعليل أبي حنيفة -رضي الله عنه- يوضحه أنه أقر بالمال وادعى لنفسه أجلًا لا إلى غاية معلومة وهي إحضار المتاع، فإن تسليم الثمن لا يجب إلا بإحضار المعقود عليه ولا طريق للبائع إلى ذلك، لأن البائع ما من جارية يحضرها إلا وللمشتري أن يقول: الجارية المبيعة غير هذه، ولو ادعى أجل شهر أو نحو ذلك لم يصدق وصل أم فصل، فإذا ادعى أجلًا مؤيدًا أولى أن لا يصدق في ذلك.