مدعيًا عليه ابتداء تسليم المبيع وهو منكر ليس براجع عما ذا كذبه في الجهة ثم ثبت الجهة التي ادعاها وقد صح تصديقه له في وجوب المال عليه، وبيانه الذي قال إنه من ثمن جارية لم يقبضان بيان تغيير فلا يصح مفصولًا.
وأبو حنيفة -رضي الله عنه- يقول: هذا رجوع عما أقر به؛ لأنه أقر بأول كلامه أن المال واجب له دينًا في ذمته، وثمن جارية لا يوقف على أثرها لا يكون واجبًا عليه إلا بعد القبض، فإن المبيعة قبل التسليم إذا صارت بحيث لا يوقف على عينها بحال بطل العقد، ولا يكون ثمنًا واجبًا يعني إذا هلكت قبل القبض أو كانت مجهولة.
وقوله:"من ثمن جارية باعينها ولكني لم أقبضها" إشارة إلى هذا، فإن الجارية التي هي غير معينة لا يوقف على أثرها، وما من جارية يحضرها البائع إلا وللمشتري أن يقول: المبيعة غيرها، وقد أقر بأن الألف في ذمته واجب مقرر، وذلك صريح منه بأن الجارية مقبوضة، ثم قوله:"لكني لم أقبضها" يكون رجوعًا منه، فعرفنا أن آخر كلامه عما أقر به من وجوب المال ديناً