الحبيب والبستانى ليقدم إليهم ما معه من السمك فيكلفوه شيَّه فى المطبخ فيشويه! !
وكثيراً ما تدفع القصاص شهوة الأغراب إلى تجاوز المبالغة المعقولة، فتفوته من الفن صفة الإمكانية، وهى أن يلبس القصصى الحوادث الخيالية ثوب الحقيقة فيقرب ما بينها من الظروف ويمهد لها أسباب الوقوع حتى لا تتنافر والعقل والعلم والعرف والتقاليد، والأمثلة على هذا العيب مستفيضة فى كل قصة.
وفى الكتاب طائفة هن الحكايات قد استوفت شروط الفن القصصى كلها، كقصة الصياد والجن، وقصة مزين بغداد، ومقدمة حكايات السندباد وقصة على بن بكار وشمس النهار.
هذا إذا نظرنا إلى الأسلوب فى جملته وعمومه، أما إذا تتبعناه باللمح الخاطف فى نواحى الكتاب وجدناه -فيما بقى هن الأقاصيص الهندية والفارسية وما جرى مجراها هن الحكايات المحدثة المقلدة- بين السذاجة أبله الأشارة، لأنها هن نوع الخوارق التى تدخل على القلوب الغريرة، ولا تظفر إلا بتصديق العقل البسيط، فهو جار مع طبيعتها، متفق اللون مع صورتها؛ وفى الطبقة البغدادية تراه متين العبارة، عفيف اللفظ، حسن السبك، دقيق الوصف، كثير السجع، قليل الفضول، لأنه فى الغالب مكتوب يحْذى على المثُل العليا من قصص الفرس وتاريخ العرب.
وقد يسف فى بعض الأقاصيص إسفافا قبيحا، فيثقل بسخفه على الطبع، وينبو بضعفه عن الذوق، كما تراه فى قصة الخليفة مع النائم اليقظان مثلا. أما الأسلوب فى الطبقة المصرية فهو فى قسمها الأول -وخاصة الأقاصيص المكتوبة منه- أشبه شئ باسلوب الطبقة البغدادية مع اتساع فى السجع وجرأة على الحشمة، والغالب عليه التقليد، فتارة يجرى على منهاج الطريقة الهندية كما نرى فى حكاية ورد خان والملك جليعاد، وتارة ينسج على منوال الطريقة الفارسية كفعله فى قصة قمر الزمان الثانية، وحكاية مسرور وزين المواصف، وقد يجرى فى مجراه الخاص من التهكم الساخر