وقد اختلف العلماء فى أن يكون المؤلف واحداً أو جماعة، ولست أرى لهذا الخلاف وجها، فإن الكتاب تكون على اليقين من أعمال مستقلة، ثم نما بالاتفاق على توالى الحقب، فوضعه وتكوينه إذن عمل جمع، وجمعه وتدوينه عمل فرد، وتحليله إلى الأعمال الفردية المتعاقبة أمر فوق القدرة ومن وراء الإمكان.
أما التاريخ الذى قرّ فيه على هذا الوضع الأخير فهو النصف الأول من القرن العاشر من تاريخنا. ومن الممكن أن نحصره منه فى السنوات العشر الواقعة بين سنتى ٩٢٣ و ٩٣٣ هـ وهما توافقان سنتى ١٥١٧ و ١٥٢٦ م من التاريخ المسيحى. وقد حصره الأستاذ "وليم لين" بين سنتى ١٤٧٥ و ١٥٢٥ للميلاد أى فى مدى خمسين سنة، فوافقناه فى الغاية وخالفناه فى البدء، ولم نر هذا الرأى اعتباطاً من جهة ولا استنباطاً من النص الظنين من جهة أخرى، وإنما اعتمدنا فى تحقيقه على دليل مادى، وهو أن الأستاذ الفرنسى كلّان قد أخذ ينشر ترجمة الكتاب لبلاط الملك لويس الرابع عشر سنة ١٧٠٤ م، وقد نقله عن نسخة عربية مخطوطة أرسلت إليه من سورية بعد سنة ١٧٠٠ م، وهى مكتوبة بمصر غفلا من التاريخ، ولكن الذى نقلها إلى الشام وهو من طرابلس، كتب عليها بخطه أنه امتلكها سنة ٩٤٣ هـ ثم انتقلت من يده إلى آخر من حلب فكتب عليها أيضاً تاريخ هذا الانتقال وهو سنة ١٠٠١ م، فيكون الكتاب إذن قد تم قبل ٩٤٣ بزمن نقدره كما قدره "لين" بعشر سنين.
هذا من جهة الطرف الأعلى، أما من جهة الطرف الأدنى فإنا نجد ذكر القهوة المعروفة يتردد فى بعض الحكايات كحكاية أبى قير وأبى صير وحكاية على نور الدين ومريم الزنارية مثلا، وذلك لا يكون قبل العقد الأول من القرن العاشر، لأن القهوة لم تنتشر فى الشرق إلا فى هذه المدة؛ ثم نجد لفظ الباب العالى وبعض النظم العثمانية تذكر فى حكايات أخرى