المدينة فى وقعة جرت فى عين سلم (سَيْلَم) وهى لا تبعد كثيرا عن حلب (٤٧٩ هـ = ١٠٨٦ م)، حيث لقى سليمان حتفه، وإنما استطاع تتش بعد موت ملك شاه (٤٨٥ هـ = ١٠٩٢ م)، أن يشبع طموحه وأن يشرع فى فتوحاته العظيمة، بل أن يدعى بالحق فى عرش السلطنة مناضلا بذلك ابن أخيه بركيارق، حتى منى آخر الأمر بالهزيمة عام ٤٨٨ هـ (١٠٩٥ م)، وسقط فى ميدان المعركة، ثم أصبح ابنه رضوان أمير حلب، وأصبح ابن آخر من أبنائه يقال له دقاق أمير على دمشق (أما الإشارة التى وردت فى أبى المحاسن، طبعة بوبر Popper, جـ ٢، ص ٣٤٤، من أن دقاق هذا هو دقماق فمخطئة)، إلا أن المنية عاجلت دقاق فتوفى سنة ٤٩٧ هـ (١١٠٤ م)، بيد أن السلطان الفعلى كان فى يد وزيره الأتابك طغتكين، الذى أمر بعدئذ بأن تكون الخطبة إلى حين باسم طفل رضيع، ثم باسم أخ لدقاق يسمى أرتاش (وقد ورد فى ابن الأثير باسم بكتاش)، واستقل آخر الأمر بنفسه، وأنشأ دولة بنى بورى. ومات رضوان أمير حلب سنة ٥٠٧ هـ (١١١٤ م) وتبعه ابنه ألب أرسلان، الذى قتله خادمه لؤلؤ بعد وفاة أبيه بمدة وجيزة، وعمل لؤلؤ على أن ينادى بأخيه سلطان شاه سلطانًا على المدينة، ولكنه قتل هو نفسه سنة ٥١١ هـ (١١١٧ م) ثم سلم المدينة إلى إيلغازى أهلها، وهكذا انتهى حكم السلاجقة.
٥ - سلاجقة آسية الصغرى (الروم) ١٠٧٨ - ١٣٠٢:
إن جد هذه الدولة ومنشئها هو سليمان بن قتلمش بن أرسلان (إسرائيل) بن سلجوق وكان أبوه قتلمش من أبطال السلاجقة الذين عملوا تحت إمرة طغرك بك، ولكنه انتقض من بعد على ألب أرسلان، وانتهى به الأمر إلى أن سقط فى ميدان المعركة قرب الرى (٤٥٦ هـ = ١٠٦٤ م)؛ وجاء سليمان نفسه إلى آسية الصغرى بعد وقعة ملازكرد الكبرى سنة ١٠٧١ م (منى فيها البوزنطيون "الروم" بهزيمة منكرة ووقع إمبراطورهم فى الأسر