الغز هبطوا البلاد، ذلك أن الغز بعد هزيمة سنجر نزلوا كالطوفان المدمر على ولايات فارس، وكانوا يذهبون إلى حيث كان ضعف السلطان يزين لهم الحصول على غنائم عظيمة، وكانت مهمتهم سهلة فى كرمان، فقد كانت الفوضى قد أتت عليها أو كادت فى عهد آخر السلاجقة، فهزموا توران شاه الذى سار لملاقاتهم، وشرعوا ينهبون فى طول البلاد وعرضها وقتل توران شاه وخلفه محمد شاه، وسرعان ما وجد محمد نفسه مكرها على مغادرة البلاد للاستنجاد بالأمراء المجاورين، إلا أنهم لم ينجدوه؛ ثم أصبح أمير من الغز، يدعى ملك دينار، سيدا على كرمان.
٤ - سلاجقة الشام, ١٠٧٨ - ١١١٧: خضع نصر الحلبى المروانى لألب أرسلان سنة ٤٦٣ هـ (١٠٧٠/ ٧١ م)، ثم غزا جيش من التركمان تحت إمرة أتسز بن أبق (أو أوق) فلسطين، واستولوا على الرملة وبيت المقدس وعلى سائر نواحى فلسطين فيما عدا عسقلان، حيث صمد لهم الفاطميون؛ ثم ولى أتسز وجهه شطر دمشق، بيد أنه لم يستطع الاستيلاء عليها إلا فى سنة ٤٦٨ هـ (١٠٧٦ م) وقد باء بالفشل أيضا فى محاولته غزو مصر فى السنة التالية، ذلك أن القائد الفاطمى بدر الجمالى هزمه شر هزيمة ثم ضيق عليه الخناق فى الشام تضييقا شديدا حتى استنجد أتسز بتتش بن ألب أرسلان، فجاء إلى الشام عام ٤٧٠ هـ وسلمه مدينة دمشق (٤٧١ = ١٠٧٨ م)، وقتل تتش أتسز بعدئذ، وأصبح هو نفسه أمير المدينة، وكذلك باءت بالفشل محاولة بذلت للاستيلاء على حلب، بل أن أمير هذه المدينة مسلم بن قربش العقيلى هاجم تتش فى دمشق (٤٨٥ هـ = ١٠٨٢ م)، وعندما اشتبك مسلم فى القتال مع سليمان سلجوق آسية الصغرى، هرع ملك شاه بنفسه إلى حلب وأقام أقسنقر جد بنى زنكى فيها، أميرا عليها، مما أثار حقد تتش إثارة عظيمة، وكان فى الوقت نفسه قد تخلص من منافسه على تلك