سنجر، وإذا شئنا أن نعمم القول وجب علينا أن نعترف بأن سلاطين السلاجقة قد تمكنوا من هداية الغز الغلاظ القلوب الذين كانوا هم أنفسهم شيوخا لهم، فقد استطاعوا فى شئ كثير من البراعة وبعد النظر أن يستغلوا مزايا الحضارة العربية الفارسية ويصطنعونها لمنفعتهم.
٢ - سلاجقة العراق ١١٤٨ - ١١٩٤؛ توفى محمد سنة ٥١١ هـ (١١١٨ م)، فخلفه ابنه الأكبر محمود، وكان غلاما فى الثالثة عشرة من عمره، وغدا سلطانًا على الدولة بأسرها فيما عدا خراسان والولايات الشمالية الشرقية التى على الحدود، فقد كان يحكمها سنجر أخو محمد كما تقدم بنا القول؛ وحمل لقب السلطان بعده ابنه داود ١١٣١ - ١١٣٢، ثم طغرل الأول سنة ١١٣٤ (وقد أخطأ البندارى فقال إنه اعتلى العرش فى مستهل عام ٥٢٨ = ١١٣٣ م، انظر Recueil de textes etc جـ ٢ ص ١٧٢)، ثم مسعود ١١٥٢، ثم ملك شاه الثانى ١١٥٣، فمحمد الثانى ١١٥٩، فسليمان شاه ١١٦١، ثم أرسلان شاه ١١٧٥. فطغرل الثانى ١١٩٤، وكل هؤلاء السلاطين تقريبا قد اعتلوا العرش وهم بعد أحداث، وقد لقوا حتفهم فى سن مبكرة، وكثيرا ما انتهت حياتهم بالقتل، ومن ثم فمن المتعذر علينا أن نقول عن معظمهم إنهم حكموا فعلا، بل إنهم كانوا مجرد أداة فى يد الأتابكة والأمراء التابعين لهم، وقد نشّئ أولاد محمد الأربعة، وهم محمود وطغرل ومسعود وسليمان، على السنّة التركية القديمة، فقد عهد بكل منهم إلى أمير تركى من الأمراء البارزين كان له بمثابة الأب، ومن ثم عرف بـ "الأتابك"، وكانت النتيجة الطبيعية أن كلا من هؤلاء الأتابكة كان يسعى إلى الفوز للأمير الذى كان فى رعايته بلقب السلطان حتى تزيد بذلك هيبته هو، وانتهى الأمر بأن اتصلت الحروب بين الأخوة وكان يحسمها سنجر إلى حين بتدخله لمصلحة واحد من هؤلاء المطالبين بالعرش وإذا أراد القارئ الوقوف على تفاصيل الحروب فليرجع إلى المواد المختلفة على انفرادها فى دائرة المعارف الإسلامية، ويكفينا فى هذا المقام أن نشير إلى أن الخلفاء