لكتاب أرسطوطاليس "تاريخ الحيوان" Historia animalium (في القرنين الثاني والثالث الهجريين = الثامن والتاسع الميلاديين) فإن مما له دلالة أن علم الحيوان لم يكن قط من فروع المعرفة التي تروج كل الرواج بين الجمهور، كما أن مكانته كانت محدودة على نحو متزايد بين التصنيفات النظرية المختلفة للعلوم وهو في تصنيف أرسطوطاليس جزء لا يتجزأ من "الفيزياء" يرتبط بعلم النفس، ولا يزال يوجد مع النفس ضمن العلم الطبيعى في كتاب إحصاء العلوم للفارابى (تحقيق عثمان أمين، القاهرة سنة ١٩٤٩ ص ٩٩؛ انظر أيضًا M.M. Introduction a la: Anawati et L. Gardet .theologie mus، ص ١٠٦؛ وهو يظهر علمًا مستقلا بذاته عند إخوان الصفاء (Gardet- Anawati. ص ١٠٩) ويدرج بين العلوم الدخيلة في كتاب مفاتيح العلوم للخوارزمي (Gardet- Anawati. ص ١١١)، ولكنه لم يعد يوجد في كتاب إحياء علوم الدين للغزالي (Gardet- Anawati- ص ١١٧) أو في كتاب المقدمة لابن خلدون (Gardet- Anawati، ص ١٢٣ - ١٢٤). ويبدو أنه لم يثر أيضًا اهتمام القلقشندى، الذي لم يذكر أي كتاب في علم الحيوان بمفهومه الصحيح في كتاب Les classiques du scribe egyption (G. Wiet، في St. Isl. جـ ١٨، ص ٥٠ - ٥٣) وهذا الإهمال المطرد الذي أبداه المفكرون والكتاب العرب، من الصعب أن نجد تفسيرًا له حين نرى الاهتمام الذي تحظى به الحيوانات في الشريعة الإسلامية، ولكن لعل هذا يرجع في معظمه إلى عدم وجود بحث منظم وكتب متخصصة ذات طابع علمي حقًا، على الرغم من وجود حدائق للحيوان (حير الوحش)، جمعت فيها أندر أنواع الحيوانات وأشدها ضراوة وأنفقت فيها مبالغ طائلة (انظر Renaissance: A. Mez ص ٣٨٣؛ الترجمة الإنكليزية، ص ٤٠٤ - ٤٠٥ حيث يرد أيضًا ذكر وقائع نزال منظمة) وكان ذلك خليقا بأن يثير فضول علماء ويشجعهم على الاضطلاع بدراسات عميقة. ولكن علم الحيوان لدى المسلمين ظل على المستوى الأدبى، أو ربما يمكن القول على المستوى الديني؛ بل لا يمكن أن يقال أنه ظل على المستوى الوصفي