للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلامية، فقد كانت هذه القراءات عملًا ذا أثر واضح في حياة الكتاب وفهمه. وتلك الأبحاث - من نزول، وجمع، وقراءة، وما إليها - هي التي عرفت اصطلاحيًا - منذ حوالي القرن السادس الهجرى - باسم علوم القرآن (١) بعدما تناولها المفسرون المختلفون قبل ذلك بالبحث المجمل، والبيان المتفاوت في الاستيفاء، حسب عناية المفسر واهتمامه؛ ومثل تلك الأبحاث جد لازمة، في نظر دارسى الآثار الأدبية، ولابد منها لفهم النصوص المدروسة، والاتصال بها اتصالا مجديًا .. بل كان لزوم هذه الأبحاث لفهم القرآن مما شعر به القدماء أنفسهم، حتَّى قال السيوطي في مقدمة كتابه "الإتقان في علوم القرآن": "وقد جعلته مقدمة للتفسير الكبير الَّذي شرعت فيه وسميته بمجمع البحرين ومطلع البدرين الجامع لتحرير الرواية، وتقرير الدراية، ومن الله أستمد التوفيق والهداية (٢). " كان أكثر المفسرين يلمون في مقدمة تفاسيرهم بشيء من القول في النزول والجمع، والقراءات ... وقد أفرد ما حول القرآن من تلك الموضوعات حديثًا بالعناية، عند من يمارسون هذه الأبحاث من الغربيين. وكان أجل من كتب في ذلك منهم الألمانى نولدكه Noeldeke T. صاحب كتاب تاريخ القرآن Geschichte des Qorans` الَّذي اشترك في تحقيقه وإكمال طبعته الثانية نفر من علماء الألمان مثل شفاللى وزيمرن وبرجشتراسر، وقد جاهد أحد شبابنا من خريجى كلية الآداب فترجم الكتاب بمعونة من في الكلية من أساتذته الألمان وعارفى لغتهم، لكن حالت عوائق تافهة دون طبع الكتاب، مع أن أبحاث هؤلاء المحدثين قد أفاضت على تلك الموضوعات ألوانًا من العناية العلمية، إن لم تخل من الاتهام فإنها لن تخلو من روح النقد والتمحيص، التي لا بد منها في تناول هذه الأبحاث .. وهي دراسات ضرورية لتناول التفسير كما أشرناء حتَّى ما ينبغي مطلقًا أن يتقدم لدرس التفسير من لم ينل حظه من تلك الدراسة القريبة الخاصة حول القرآن، ليستطيع فهمه فهمًا أدبيًا صحيحًا


(١) محاضرات علوم القرآن لكاتب هذه في كلية الآداب."مخطوطة".
(٢) الإتقان، ج ١: ٧.