وإن مقاصد وأغراضًا في الحياة العملية، سياسية وغيرها، قد اشتركت في هذا التوجيه أيضًا، وتركت هذه وغيرها مناهج وكتبا كثيرة، وأثرت في مجرى الحياة والثقافة الإسلامية تأثيرًا قويًّا فعالًا ..
ولئن كان كولدتسهير في كتابه "اتجاهات التفسير" قد تحدث عن تفسير الرواية، والتفسير الاعتقادى، والتفسير الصوفى، والتفسير التشيعى، وتفسير التجديد الإسلامي الحديث، فألم بأصول كبرى ينطوى تحتها كثير من طرائق التفسير واتجاهاته، فإن إلى جانب ذلك تفسيرات لغوية ونحوية، وأدبية وفقهية، وتاريخية، وغيرها، لعله لا يسهل إدماجها في هذه الأصول، وليس يصح - فيما أرى - أن نتحدث عن هذه الاتجاهات واحدًا واحدًا لنبين أثرها في توجيه فهم القرآن، أو أثر اتصالها بالقرآن في حياة تلك العلوم والفنون نفسها إلا بعد أن يكتمل لنا العثور على أكثر ما يمكن من كتب ودراسات في أنواع التفسير المختلفة، تم تنسيقها ودرسها في روية واتقان، درسًا يهيئ لمثل هذا القول الشامل فيها.
...
على أنا إذا ما تركنا في هذا الإجمال الخاطف الكلام عن التفسير الصوفى أو التفسير التشيعى، فلم نقف عندهما لبيان ما زاده على معاني القرآن، وللحكم على منهجهما وما ماثله من مناهج، لها طابعها المخالف؛ فلم نتحدث عن الظاهر والباطن والحد والمطلع وما أشبه ذلك، ولا عما أخذ من القرآن من علوم خفية أو خاصة، وكان من عذرنا في ذلك - فوق الإجمال وضيق الفرصة - أن مثل هذه الاتجاهات قد قل تعرض الحياة لها، وخفت بلواها بها الآن. ثم إذا ما تركنا الحديث عن الفنون الأدبية المختلفة، وصلتها بالقرآن إلى فرصة أفسح، وأهدأ، من التاريخ الأدبى، فإنا رغم هذا كله لنشعر بضرورة القول في صلة التفسير بالعلوم العقلية الظاهرة، لأن فكرة تفسير القرآن بالعلم وأخذ هذه العلوم من القرآن، قد حاولها نفر من القدماء والمحدثين جميعا، حتَّى نوافق على قول الأستاذ كارا دى فو، في ختام مادة تفسير ما معناه أن