للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من تفسير مأثور قد تأثر بما حوله من عوامل وموجهات، يتبينها جليًا من يتصدى لتاريخ التفسير والتأليف فيه.

ج - تدرج التفسير

وهنا أحب أن يقدر الدارس، أنى لا أتصدى لكتابة تاريخ للتفسير، أو تخطيط هذا التاريخ وإنما هي إشارات عامة مجملة عن المعالم الكبرى في حياته .. وذلك أننا لا نجرؤ على التفكير في كتابة تاريخ للتفسير يمكن أن يسمى تاريخًا بالمعنى الصحيح إلا بعد أن نقف على ما خلفت تلك العهود الطوال من آثار فيه، وهي كثيرة واسعة، متنوعة المقاصد والإتجاهات، يدهشك ما تقرأ في وصفها وسعتها وجلال مؤليفها، ففي القرن الثاني كتب عمرو بن عبيد شيخ المعتزلة تفسيرًا للقرآن عن الحسن البصري رحمه الله (١) وناهيك بهما جلالة قدر. ولأبي الحسن الأشعرى المتكلم، كتاب المختزن، لم يترك آية تعلق بها بدعى إلا أبطل تعلقه بها، وجعلهما حجة لأهل الحق، وذكر بعضهم أنَّه رأى منه طرفًا وكان بلغ سورة الكهف وقد انتهى إلى مائة كتاب (٢). إلى غير ذلك من صنيع له في التفسير يذكرون عظيم قيمته. وللإمام الجويني تفسير كبير، وللقشيرى تفسير كبير، وإلى جانب هؤلاء رجال اللغة والأدب يذكرون منهم: أبا طالب المفضل بن سلمة الكوفي.

(ق ٣) له كتاب معاني القرآن؛ وابن الأنبارى (ق ٤) كان يحفظ مائة وعشرين تفسيرًا من تفاسير القرآن بأسانيدها.

وقد ألف كتاب "مشكل القرآن أملاه فبلغ فيه إلى "طه" ما أتمه. وقد أملاه سنين كثيرة (٣) ولأبي هلال العسكرى كتاب المحاسن في تفسير القرآن خمس مجلدات (٤) .. ولو رحت أذكر لك جانبًا من هذه الطرائف التي كتبها أئمة الفنون المختلفة في التفسير لملأت من ذلك صحفًا وصحفًا، فهلا ترى معى، أن من القحة علميًّا أن نزعم أننا نتحدث في شيء من تاريخ التفسير، قبل أن نغبر قدمًا في البحث عن هذه الكتب وجمعها ودرسها؟ ! ! أحسب أي نعم.


(١) ابن خلكان ١: ٤٨٦ بولاق.
(٢) تبيين كذب المفترى ص ١٣٣ ط الشام.
(٣) طبقات الأدباء لابن الأنبارى ص ٣٣٢.
(٤) ترجمته من مقدمة كتابه ديوان المعاني.