أي تفسير الدراية، فترجيحاته للمعانى المختلفة تقوم على نظرات أدبية ولغوية وعلمية قيمة فوق ما جمع كتابه من روايات أثرية.
وأما الكتاب الغربي، فهو الكتاب الَّذي عرف باسم "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لأبي محمد عبد الحق بن أبي بكر غالب بن عطية الغرناطى الأندلسى - ت ٥٤١ هـ الَّذي يقول عنه ابن خلدون في المقدمة: "إنه لخص فيه كتب التفاسير كلها - أي تفاسير المنقول - وتحرى ما هو أقرب إلى الصحة فيها، ووضع ذلك في كتاب صتداول بين أهل المغرب والأندلس، حسن المنحى، وهو مخطوط، منه بضعة أجزاء في دار الكتب المصرية، وفي التيمورية رجعت إليها فوجدت من جملة وصفها، أنَّه يعني بالشواهد الأدبية للعبارات، ويهتم بالصناعة النحوية، في غير إسراف ولا يعني بالوقوف مثل عناتيه بالقراءات، ويورد من التفسير المنقول، مع الاختيار منه، في غير إكثار؛ كما ينقل عن الطبري، ويناق المنقول عنه أحيانا ..
...
وأما الكتاب الثالث المصري، فيحسن أن نشير بين يدي الكلام عنه، إلى ما كان لمصر من حظ قديم في التفسير المنقول، فقد حدثوا عن أحمد بن حنبل، أن بمصر صحيفة في التفسير، رواها علي بن ابى طلحة الهاشمي - رواها طريق جيد في الرواية عن ابن عباس؛ لو (-٣ رجل فيها إلى مصر قاصدًا ما كان كثيرًا؛ وقد اعتمد عليها البخاري في صحيحه كثيرًا فيما يعلقه عن ابن عباس، كما ينقل ذلك عن ابن حجر (١).
وفي التفسير المنقول خلف جلال الدين السيوطي المصري - ت ٩١١ هـ - كتاب "الدر المنثور في التفسير" وهو مطبوع؛ وقد ذكرت هذه الكتب الثلاثة في الكلام عن نشأة التفسير من حيث كانت تفسيرًا نقليًا، وهو أول ما ظهر من صنوف التفسير، وإن كنت أقدر أن هذه الكتب قد تفاوتت قيمها وأحوالها بهذا التراخى البعيد في الأزمنة - من القرن الثالث إلى العاشر - وأن ما فيها
(١) الإتقان ٢: ٢٢٣ وفيه بعد هذا النقل "أن ابن أبي طلحة لم يسمع التفسير عن ابن عباس، وإنما أخذه عن مجاهد أو سعيد بن جبير، ويقول ابن حجر "أن الواسطة ثقة فلا ضير في ذلك.