الكلبى (انظر فيما تقدم)، وهي عبارة عن رواية الكوفة لجانب على ضد أهل الشام، أما رواية كلب التي يوردها "عوانة بن الحكم " المتوفى سنة ١٤٧ هـ (٧٦٤ م) والتي نقلها هشام الكلبى أيضًا ففيها نزعة ظاهرة ضد على لجانب أهل الشام (انظر فيما يتعلق بهذه المصادر: Das ar-: Wellhausen abische, Reich Einleitung وهنالك رواية ثالثة لقبيلة تميم، وقد تولى إذاعتها في الآفاق "سيف ابن عمر" المتوفى حوالي سنة ١٨٠ هـ (٧٩٦ م) في صورة قصة تاريخية عن الغزوات تقوم إلى حد كبير على منظومات اتصالها بالقصة يشبه كثيرًا ذلك الاتصال الذي نلحظه في المنظومات الواردة فيما روى عن أيام العرب.
وهناك أجزاء متفرقة من روايات قبلية أخرى قد ظهر أمرها بين الملأ منها رواية باهلة المتصلة بحروب قتيبة بن مسلم، فإنها بتفاصيلها الجلية الشائقة وبالمجال الذي أفسحته للوقائع والحوادث البارزة تختلف اختلافًا بينًا عن المدونات الشاملة للحوادث المرتبة على مقتضى السنين مما ألف في العصور التالية وفي هذا العصر. وهذه الروايات القبلية- على ما احتوته من روح التحيز وفي كونها لا للزم غير صاحبها - لا يمكن القول بأن قيمتها التاريخية لا يقام لها وزن خصوصًا فيما تنطوى عليه من الإيضاح والتنوير للعوامل والمؤثرات الداخلية التي سيطرت على أحوال القرن الأول من التاريخ الإسلامي. ثم إنه مما لا يجوز إغفاله أن تلك المجاميع تتصل بعلم الحديث من ناحية الشكل ومن ناحية المحافظة الدقيقة على مبدأ "الإسناد" [وبداية هذا النشاط كانت تقترن باسم الشعبي أشهر محدثى الكوفة المتوفى حوالي سنة ١١٠ هـ (٧٢٨ م)] وليس فيها ما يدل على أثر مؤثر خارجى لا شكلًا ولا موضوعًا.
وفي أوائل القرن الثالث اضطرد التقدم من جديد في طريق التأليف بوجه عام بفضل اتساع نطاق الحضارة المادية اتساعًا متواليًا وبفضل ظهور استعمال الورق الذي أسس أول مصنع له ببغداد سنة ١٧٨ هـ (٧٩٤ - ٧٩٥ م) فإن المخطوطات القديمة للمصنفمات الأدبية واللغوية التي صنفت منذ هذا العهد قد وصلت إلينا.