للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفنيّة، النسيج الشعري وحده، تحاول أن تعرفه وتحلله وتقومه خدمة للعلم أولًا وقبل كل شيء).

وإذن فنحن لا نتوقع أن يخرج شارح من شراح الحماسة عن المسار الذي سار فيه شراح العصور الأولى للأدب أو شراح عصره، وأن يتجاوز الظروف العلمية والثقافية المحيطة به والتي توارثها أجيال العلماء إلى نهج مغاير في شرح النص يحيل عملية الشرح إلى تحليل فني يجعلنا نحس بوجود الشاعر في كل خطوة من خطواته، نلمس من خلال عواطفه وعقله ومواقفه التي أوحت له بالشعر، ندرك غرضه ومقاصده وإبداعه وخصائصه الدالة عليه.

ومن المؤسف حقًا أن شراح الحماسة بعد القرن السادس، الذي كان قرن تجميع وانتخاب أو اختصار وتسهيل قد ساروا إلى جمود، يكررون ما قاله السابقون اختصارًا أو تطويلًا، ويدورون حول ما دار فيه الشراح الأوائل، ويرددون أقوال شيوخهم الذين قرؤوا عليهم كتاب الحماسة دون أن يعلموا أن هذه الأقوال هي حصيلة أعمال السابقين أخذها شيوخهم، ولم يزيدوا عليها شيئًا أو يخرجوا إلى رحاب أوسع في عملية الشرح، ولا أدل على هذا القول من شرح مجهول المؤلف كنا قد أشرنا إليه في ثبت شروح الحماسة، ذكر صاحبه في خاتمته أنه قد فرغ منه في الخمس من ربيع الأول سنة ١١٣٥ هـ، أي بعد خمسة قرون وبضعة عقود من الفترة التي حددناها لهذا البحث. ننظر في هذا الشرح فنجد صاحبه لم يصنع فيه شيئًا سوى أنه سلخ أقوال المرزوقي في شرحه وأقوال غيره من الشراح الأوائل بدون أن يدل عليهم أو ينص على أنه يأخذ منهم، قال في بيت ربيعة بن مقروم الذي يقول فيه:

أرجيته عني فأبصر قصده وكويته فوق النواظر من علِ

(ذكر بعض المتأخرين في (أرجيته) الرواية (أوجيته) وما عداه تصحيف) وهي عبارة المرزوقي التي سبقت الإشارة إليها في دراسته يوردها هذا الشارح دون أن

<<  <   >  >>