للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والحديث الشريف، وكذلك الشأن بالنسبة للدراسات الأخرى في علمي اللغة والنحو، وقد ظلت هذه النظرة مسيطرة على شراح الشعر القديم بمختلف أجيالهم بالرغم من استقلال هذه العلوم وقيام كل علم منها في وحدة قائمة لذاتها لاسيما علم الشعر.

ولم يكن شراح الحماسة بمعزل عن تأثير هذه الظواهر. حقًا إننا قد لاحظنا في مختلف فتراتهم يفسرون لغة الشعر بما جاء في القرآن الكريم والحديث الشريف، لا كما كانت الحال عليه في البداية حين كان المفسرون للقرآن والحديث يلجؤون إلى الشعر لتفسير ما فيها من غريب تبعًا للدعوة التي وجهها عبد الله بن عباس رضي الله عنه حيث قال: إذا قرأتم شيئًا من كتاب الله فلم تعرفوه فاطلبوه في أشعار العرب، فإن الشعر ديوان العرب ولكنهم من جهة أخرى ظلوا متأثرين بهذه النظرة التي تجعل دراسة الشعر معينة على فهم القرآن والحديث بدلالة أننا نجد الخطيب التبريزي يذهب إلى هذا حيث نراه يقول في مقدمته لشرح الحماسة: (أشرف العلوم كلها علم الكتاب والسنة، وهما قطبا كل علم، وأصلا كل فهم، إذ كانا طريقًا إلى معرفة الخالق تعالى وشكر نعمته، وسبيلًا إلى إدراك السعادة والفوز بجنته، ولا يصح حقيقة معرفتهما إلا بعلم الإعراب الدال على الخطأ من الصواب، وعلم اللغة الموضحة على حقيقة العبارات، المفصحة عن المجاز والاستعارات وعلم الأشعار، إذ كان يستشهد بها في كتاب الله -عز وجل- وفي غريب أخبار رسوله -صلى الله عليه وسلم).

فلا شك أن هذه النظرة التي ظلت مسيطرة على شراح الحماسة إلى زمن التبريزي، المتوفى في مطلع القرن السادس الهجري هي التي جعلتهم يجنحون دائمًا إلى اللغة والنحو في أعمالهم التي عقدوها حول الحماسة من حيث إن دراسة القرآن والحديث قد ربطت بين علوم الإعراب واللغة والأشعار وجعلتها تسير مجتمعة في خط

<<  <   >  >>