للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما زيد بن علي فالحق أننا رأيناه أقل أصحاب هذا المنهج ميلًا إلى أن يجعل اللغة والنحو يتغولان على عمله، ومع ذلك فإن في شرحه موضعًا يشهد بتأثره بهذه الظاهرة وعدم الخروج عن دائرتها. وقد ناقشنا هذا الموضوع في الدراسة التي أقمناها حول شرحه وعناصره في الكتاب الثاني من هذا البحث.

وإذا كنا قد أرجعنا الظاهرة السابقة المتمثلة في التوسع والاستطراد إلى تأثير شروح الشعر الجاهلي التي قام بها علماء القرن الرابع الهجري. فان هذه الظاهرة ترجع كذلك إلى هذا التأثير. فأنت تستطيع أن تجد شيوع اللغة والنحو في شرح أبي بكر بن الانباري المتوفى سنة ٣٢٨ هـ للقصائد السبع الطوال أو شرح أبي جعفر النحاس المتوفى سنة ٣٣٨ هـ للقصائد التسع المشهورات. ويكفي أن تقرأ عمل ابن الانباري في بيت طرفة بن العبد الذي يقول فيه:

وبرك هجود قد أثارت مخافتي نواديها أمشي بعضب مجرد

أو عمله في بيت عمرو بن كلثوم القائل:

ذراعي عيطل أدماء بكر تربعت الأجارع والمتونا

لتجد أن اللغة والنحو سيطرة كاملة على عمل الرجل في شرح الشعر.

ومثل ذلك يمكن أن نجد أيضًا في مواضع مختلفة من شرح أبي جعفر النحاس.

على أننا إذا بحثنا في شأن هذه الظاهرة وتسلطها على شراح الشعر الجاهلي في ذلك القرن، وجدناها ترجع إلى أن كل العلماء الذين تتابعوا على شرح الشعر القديم كانوا من ذوي الاهتمام باللغة والنحو، فأبو عمرو الشيباني المتوفى سنة

<<  <   >  >>