أما أصحاب المنهج الاختصاري التسهيلي لفلم يسلموا من سيطرة اللغة والنحو على بعض أعمالهم، فلو قرأنا شروحهم لوجدناهم مع استيفائهم صفات منهجهم في غلبة أعمالهم فأنهم في بعض الأحيان كانوا يميلون إلى اللغة والنحو، بحيث يكون لهما الغلبة على عملهم، ويكفي أن نورد مثالًا لكل واحد من هؤلاء حتى ندرك مدى جنوحهم في بعض الأحيان إلى هذين العنصريين. ففي الشرح المنسوب خطأ إلى أبي العلاء المعري نجد أن صاحبه قد وقف في بيت هشام بن عقبة الذي يقول فيه
فلم ينسني أوفى المصيبات بعده ولكن نكء القرح بالقرح أوجع
ونقل عن ابن جني قوله:"يحتمل في (أوجع) أمرين أحدهما أن يكون من يوجع فحملها على الأول أقوى في الأعراب، وحملها على الثاني أقوى في المعنى، ذلك أنه إذا جعلتها من وجع يوجع كان معناه أن النكء نفسه وجع فأسندت الوجع إليه، مبالغة كقولهم: جن جنونه، وضل ضلاله، وموت مائت. والآخر أن يكون قياسه أشد إيجاعا كقولك: هو أشد إكرامًا له من غيره، غير أنه حذف همزة "أوجع" في الماضي ثم بني منه أفعل إلى معناها للمبالغة" ولم يزد على هذا العمل اللغوي البحت شيئًا يخدم به العناصر الأخرى في شرح النص التي من أهمها عرض المعنى.
وفي شرح البياري رأيناه يقف في البيت الأول من باب الحماسة القائل:
لو كنت من مازن لم تستبح ابلي بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
فيسود صفحة كاملة من تراكيب (لو) في حالات النفي والإثبات شرطًا وجوابًا دون أن يهتم بأن هذا يخرجه عن حد المنهج الذي رسمه لنفسه في مقدمته.