المدينة كلها ميدانا للحرب، وأصبح كل حي وكل طريق وكل منزل معقلا يدافع عنه رجال الحامية وأهل المدينة والمتطوعون. ولم تتمكن القوات الإسبانية من فرض سيطرتها، على الرغم من تفوقها الساحق، على أية منطقة أو موقع وتكبدت القوات المشتبكة خسائر فادحة في الأرواح. ووصل القتال إلى مرحلة حرجة بالنسبة للمجاهدين عندما ترددت أصداء وصول جيش الجزائر بقيادة (حسان خير الدين) إلى شرقي المدينة وجنوبها (وكان جيش حسان يضم (٥) آلاف من المشاة رماة البنادق وألف فارس) وقد انضم إليه من المجاهدين الجزائريين أثناء التحرك (١٥) ألف مجاهد تقريبا وهم يحملون أسلحة مختلفة. واقتحم جيش الجزائر بمجرد وصوله المعركة، ودخل المدينة فورا، وكان الصدام عنيفا وقاسيا، غير أن كفة النصر رجحت لمصلحة المسلمين، فما غربت شمس ذلك اليوم حتى تم إبعاد الإسبانيين وقذفهم إلى ما وراء أسوار المدينة تاركين بين جدرانها عددا ضخما من القتلى والجرحى. وقضى الجانبان المتصارعان تلك الليلة وهما يضمدان جراحاتها ويعيدان تنظيم قواتهما. حتى إذا ما أشرقت شمس يوم ٢٤ آب أغسطس - وجدت القوات الإسبانية والقوات المتحالفة معها من المسلمين أنها تقف أمام مأزق صعب جدا. حيث أحاطت قوات المسلمين بميدان المعركة من كل جهاته، فقد وقف جيش الجزائر ومعه مقاتلي مستغانم والمجاهدين من العرب المسلمين في مواجهة القوات الإسبانية. في حين وقف إلى يمين القوات الإسبانية جيش تلمسان بقيادة (الحاج علي). أما على يسار القوات الإسبانية فقد انتشر رجال البحر الذين غادروا سفنهم ونظموا قواتهم للاشتراك في حسم الصراع. في حين كانت مدفعية الأسطول الجزائري ترمي القوات الإسبانية بقذائفها المحكمة. وشدد المجاهدون قبضتهم على الإسبانيين وكانت أصوات التهليل والتكبير (صيحة الحرب) تثير فزع