وتوجه الملك الأفضل إلى سميساط، ولم يتحرك بعد ذلك حركة في طلب ملك إلى أن مات سنة اثنتين وعشرين وستمائة - على ما سنذكره -.
وعاد الملك الأشرف إلى حلب وقد بلغه وفاة والده السلطان الملك العادل - رحمه الله - وقد كان عازما على قصد عز الدين، وأتباعه إلى بلاده، فلما وردت عليه وفاة والده لم يمكنه ذلك، مع علمه بحلول الفرنج بالديار المصرية، وشدة طمعهم فيها سيما وقد مات سلطان البلاد.
ونزل الملك الأشرف ببانقوسا، وجلس في خيمته للعزاء، وخرج أكابر البلد والأمراء إلى خدمته، وأنشده الشعراء مراثى الملك العادل، ووعظ الوعاظ.
ولما انفصل أمر العزاء سيرّ الأتابك شهاب الدين إليه في أن يكون هو السلطان موضع أبيه الملك العادل، ويخطب له في البلاد، وتضرب السكة باسمه، وتكون العساكر الحلبية في خدمته.
فقال الملك الأشرف:
«لا والله، لا أغيّر قاعدة قررها أبى، بل يكون السلطان أخى الملك الكامل، ويكون قائما مقام أبى».
ثم تقررت الحال بين الأتابك شهاب الدين وبينه برأى (٧٥ ا) القاضى بهاء الدين بن شداد، وسيف الدين بن علم الدين، وسيف الدين بن قلج على الخطبة بحلب وأعمالها للسلطان الملك الكامل ناصر الدين أبى المعالى محمد ابن الملك العادل، وبعده للملك الأشرف، وبعدها للمملك العزيز.
وضرب اسم الملك الكامل والملك العزيز على السكة، وجعل أمر الأجناد والأقطاع في عسكر حلب إلى الملك الأشرف، وأخليت له دار الملك الظافر