فقوله:((ولا يصح له ذلك)) هو بمعنى قول الخطابي: ((وعكرمة لم يسمع من أم حبيبة)) فهما متفقان على هذا الأمر.
وهذا يوضح لك أن المراد بالانقطاع في كلام الخطابي -وكذلك البيهقي- هو الإرسال. وإطلاقهم المنقطع على المرسل كثير.
وإنما تَعَرَّض الخطابي وابن القطان لعدم سماعه من أم حبيبة تأكيدًا لإرساله؛ حتى لا يقول قائل: لعله تَحَمَّله عنها.
وما ذكره ابن القطان من إشارة أبي داود إلى إرساله هو في (السنن عقب رقم ٢٨١).
وقال المنذري:((هذا مرسل)) (المختصر ١/ ١٩٤).
ثم ذَكَر كلام الخطابي وأقره، وهذا يدل على أنه فهم من عبارته ما فهمناه.
وقال ابن رجب:((والظاهر أنه مرسل، وقد يكون آخره موقوفًا على عكرمة من قوله، والله أعلم)) (فتح الباري ٢/ ٧٤).
أي: يحتمل أن المرفوع منه هو قوله: ((فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَنْتَظِرَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ)).
وبقية الحديث وهو قوله:((فَإِنْ رَأَتْ [بَعْدَ ذَلِكَ] شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، تَوَضَّأَتْ [وَاسْتَثْفَرَتْ][وَاحْتَشَتْ] وَصَلَّتْ)) إنما هو من قول عكرمة، إما على سبيل الفتيا، وإما حكاية عن فعلها؛ كما وقع في رواية أبي إسحاق الشيباني، عن عكرمة قال:((كَانَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ تُسْتَحَاضُ، فَكَانَ زَوْجُهَا يَغْشَاهَا)) رواه أبو داود