وَضُوءَهُ)) دليلٌ على أن الوضوءَ مذكورٌ في أصلِ الحديثِ وإن اختُصر في الروايةِ؛ لأن ثوبان يُؤكِّدُ الروايةَ بأنه هو الذي صَبَّ له الوَضوءَ بعد القيءِ" (حاشيته على الجامع ١/ ١٤٥، ١٤٦).
وقال أبو الفيض الغماري -بعد أن استطرد في تخريج الحديث، وبيان أن المحفوظ بلفظ:(قَاءَ فَأَفْطَرَ) -: "والمقصودُ أن روايةَ الترمذيِّ باطلةٌ، وإن كانتْ صحيحةَ السندِ، ولا يصحُّ الاستدلال بها من جهةِ الروايةِ، كما لا دليلَ فيها من جهة المعنى أصلًا" (الهداية في تخريج أحاديث البداية ١/ ٣٢٧).
قلنا: وقد يشهدُ لهذه الروايةِ رواية معمر للحديث بلفظ: ((اسْتَقَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَفْطَرَ، فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ))، إلا أنها روايةٌ شاذةٌ خالفَ فيها معمرٌ كلَّ أصحابِ يحيى، سندًا ومتنًا، كما سيأتي بيانُه.
على أنه قد جاءَ متنُ الحديثِ بلفظ:((قَاءَ، فَتَوَضَّأَ))، في رواية ابنِ الجوزيِّ له في (التحقيق ١٩٤) من طريق عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن عبد الصمد بن عبد الوارث بإسنادِهِ.
وكذا في (التنقيح لابن عبدِ الهادِي ١/ ٢٨٣)، و (التنقيح للذهبي ١/ ٦٤).
ولما عزاه شيخ الإسلام في (الفتاوى ٢٥/ ٢٢٢) لأحمدَ، وأهلِ السننِ بلفظِ ((قَاءَ فَأَفْطَرَ))، استدركَ فقال: "لكن لفظ أحمد: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَاءَ فَتَوَضَّأَ"!
وسبقه إلى ذلك جَدُّه المجدُ ابنُ تيميةَ في (المنتقى، صـ ٨٧) فعزاه لأحمدَ والترمذيِّ بهذا اللفظِ!
قلنا: والذي في (المسند) وعامة المصادر من هذا الطريق وغيره- إنما هو بلفظ:((قَاءَ فَأَفْطَرَ))، لم يذكروا فيه الوضوء إلا من قولِ ثوبان كما سبقَ.
ولذا تَعَقَّبَ الشوكانيُّ على المجدِ قائلًا: "الحديثُ عند أحمدَ، وأصحابِ