وأما ما يتعلق بالإثم والضمان، فالجهل لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: فيما يتعلق بحقوق الله ﷿:
أ- فمن حيث الحكم تكليفي: لا يأثم؛ لأن حقوق الله مبنية على المسامحة.
فلو أن الإنسان صلى جاهلاً لغير القبلة، أو ترك المضمضة في الوضوء، فلا يأثم، ودليل ذلك:
١ - قوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ البقرة: ٢٨٦.
٢ - ولحديث ابن عباس ﵄ قال ﷺ: "إن الله تجاوز لي عن أمتي: الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه" وفيه ضعف. (١).
٣ - حديث معاوية بن الحكم ﵁ لما تكلم في الصلاة (٢) لم يأمره النبي ﷺ بالإعادة؛ لأنه كان جاهلاً تحريم الكلام، يظن أنه على ما سبق في أول الإسلام وأنه مباح.
ب- أما من حيث الحكم الوضعي:
فإن كان في باب الأوامر: فيضمن؛ لأنه يمكنه الاستدراك، قال ﷺ للأعرابي كما في حديث أبي هريرة ﵁: "ارجع فصل فإنك لم تصل" (٣) لما جهل وجوب الطمأنينة ولم يطمئن.
وقال ﷺ لأبي بردة ﵁: "شاتك شاة لحم" (٤) لما ذبح قبل الصلاة.
وكذلك لو صلى إلى غير القبلة جاهلاً فإنه يعيد الصلاة.
وعند شيخ الإسلام: لا يضمن، ولا إعادة.
واستدل شيخ الإسلام ﵀: بقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)﴾ [الإسراء: ١٥]، وقوله تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ
(١) سبق تخريجه ص (٨٦).
(٢) رواه مسلم (٥٣٧).
(٣) سبق تخريجه ص (٨٧).
(٤) سبق تخريجه ص (٨٧).