للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهؤلاء وأمثالهم روايتهم لا تفيد من يروون عنه شيئا، بل إن الواحد منهم إذا اشتهر بالرواية عن الكذابين ولم يكتف بالرواية عن الضعفاء والمجاهيل- كان من ينفرد بالرواية عنه في الدرجة الدنيا من الضعف، وهم الذين لا يصلحون للاعتبار والاعتضاد، فهم في درجة متروك الحديث، ويمكن أن يمثل لذلك بإمام متأخر قليلا عن عصر الأئمة النقاد، وهو الإمام الطبراني، فقد قال فيه الذهبي: "كتب عمن أقبل وأدبر" (١).

وهو كما قال الذهبي، فقد روى عن جماعة من المتروكين المعروفين بوضع الحديث (٢)، وكثير من شيوخه غير معروفين (٣).

وعلى الضد من ذلك إذا ترك الواحد منهم روايا، فلم ير الرواية عنه لضعفه- استفيد من ذلك ضعفه الشديد عنده، كما في قول الآجُرِّي: "قيل لأبي داود: أبو سَعْد البَقَّال؟ قال: ليس بثقة ... ، قلت: لم ترك حديثه؟ قال: إنسان يرغب عنه سفيان الثوري أيش يكون حاله؟ شعبة روى عنه حديثا" (٤).

وقال الدوري: "سمعت يحيى يقول: قيل ليحيى بن سعيد: ما تقول في بُكَيْر بن عامر؟ فقال: كان حفص بن غياث تركه، وحسبه إذا تركه حفص، قال يحيى -يعني ابن معين-: كان حفص يروي عن كل


(١) "سير أعلام النبلاء"١٦: ١١٩.
(٢) انظر مثلا: "المعجم الصغير" الأحاديث ٣٤، ٣٩، ٦٤، ٣٨٠، ٨٥٧، ٨٦٠.
(٣) انظر مثلا: "المعجم الصغير" الأحاديث ٥، ٧، ٩، ١٠، ١٣، ١٥، ١٧، ١٨، ١٩، ٢٠، ٢٢، ٢٣، ٢٦ - ٢٩.
(٤) "سؤالات الآجري لأبي داود"١: ٢٩١.

<<  <   >  >>