للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحد" (١).

وأما النوع الثاني -وهم الذين ينتقون الرواة- فإن رواية أحدهم عن الراوي بمعنى التقوية له وقبوله، هكذا قرر ذلك جماعة من الأئمة.

قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقة مما يقويه؟ قال: إذا كان معروفا بالضعف لم تقوه روايته عنه، وإذا كان مجهولا نفعه رواية الثقة عنه، وسألت أبا زرعة عن رواية الثقات عن رجل مما يقوي حديثه؟ قال: أي لعمري، قلت: الكلبي روى عنه الثوري، قال: إنما ذلك إذا لم يتكلم فيه العلماء، وكان الكلبي يُتكلَّم فيه" (٢).

وجواب أبي زرعة وأبي حاتم قد طبقه نقاد آخرون، ويفهم من طريقتهم تقييد الثقة الذي تفيد روايته الراوي بالثقة الذي ينتقي رجاله، كما سيأتي قريبا في النقل عنهم.

كما قرر هذه القاعدة جماعة من الأئمة المتأخرين الذين ينظرون في الرواة، كالذهبي، وابن عبد الهادي، وابن رجب، وابن حجر، وغيرهم (٣).

وسأذكر الآن طائفة ممن نص الأئمة على انتقائهم للشيوخ، وفيها تطبيق النقاد لهذه القاعدة.

فمن التابعين: عامر الشعبي، ومحمد بن سيرين، والحسن


(١) "تاريخ الدوري عن ابن معين"٢: ٦٣، و"تهذيب الكمال"٤: ٢٤٠.
(٢) "الجرح والتعديل"٢: ٣٦.
(٣) " الصارم المنكي" ص ١٠٩، و"شرح علل الترمذي"١: ٣٧٨، و"لسان الميزان"١: ١٥.

<<  <   >  >>