للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه" (١).

وكذا قال أبو حاتم حين ذكر جماعة من الرواة وأنه لا يحتج بحديثهم، فقيل له: ما معنى لا يحتج بحديثهم؟ فقال: "كانوا قوما لا يحفظون، فيحدثون بما لا يحفظون فيغلطون، ترى في أحاديثهم اضطرابا ما شئت" (٢).

ومن هو قوي الحافظة موصوف بذلك ربما لم يسلم من الوقوع في الخطأ إذا لم يكن له كتاب، كما في قصة أيوب السَّخْتِيَاني أحد الحفاظ الكبار، فقد سئل ابن معين عن أحاديث أيوب: اختلاف ابن عُلَيَّة، وحماد بن زيد، فقال: "إن أيوب كان يحفظ، وربما نسي الشيء"، وروى ابن معين عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه، عن أيوب، أنه كان إذا قدم البصرة يقول: "خذوها رطبة قبل أن تتغير -ولم يكن يَكتب، ولا يُكتب- وقيل ليحيى: كان شعبة هَمَّ أن يترك حديث أيوب؟ قال: "كان أيوب خيرا من شعبة، ولكن لحال أنه كان يحفظ ولم يكن يكتب" (٣).

ويشار هنا إلى أن انتشار الكتابة لم يحل مشكلة الخطأ في الرواية تماما، وذلك لأسباب عديدة، منها ما تقدمت الإشارة إليه من وقوع التحريف والتبديل فيها، ومنها أن كثيرا ممن كان يكتب إنما يكتب من حفظه بعد سماعه من شيخه بمدة تطول أو تقصر، وذلك لأمر يقوم في


(١) "تهذيب التهذيب"٢: ٤٣٦، وانظر: "علل المروذي" ص ١٠٣، و"الجرح والتعديل"٣: ١٢٦.
(٢) "الجرح والتعديل"٢: ١٣٣.
(٣) "من كلام ابن معين-رواية الدقاق" ص ٨٠ - ٨١.

<<  <   >  >>