للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الراوي نفسه كأن يكون بطيء الكتابة، فلا يمكنه ذلك في وقت السماع، أو يكتب في المجلس كتابة مبدئية، ثم ينقلها إلى الكتاب بعد، أو يقوم في شيخه، فكان بعضهم يأبى أن يكتب عنه شيء، وهذا يفسر لنا جانبا من وقوع الأخطاء في أصول الرواة وكتبهم.

قال الترمذي: "أكثر من مضى من أهل العلم كانوا لا يكتبون، ومن كتب منهم إنما كان يكتب لهم بعد السماع" (١).

ومن الأسباب أيضا -وهو موضع الشاهد هنا- أن بعض من ضبط أصوله وكتبه لم يلتزم حين التحديث أن يحدث منها، بل ربما حدث من حفظه، ونحن نعرف أن من أهم مميزات ضبط الكتاب أن التحديث منه -إذا ضبط الكتاب وحرر، وصين عن الزيادة والنقص- أبعد عن الغلط والسهو، إذ حفظ الصدر مهما كانت قوة الحافظة عرضة لذلك، كما قال أحمد: "كان ابن المبارك يحدث من الكتاب، فلم يكن له سقط كثير، وكان وكيع يحدث من حفظه، فكان يكون له سقط، كم يكون حفظ الرجل؟ " (٢).

وقال الذهبي: "لا ريب أن الأخذ من الصحف، وبالإجازة، يقع فيه خلل، ولاسيما في ذلك العصر، حيث لم يكن بعد نقط ولا


(١) "سنن الترمذي"٧: ٧٤٦.
وهذه المسألة من دقائق علم (النقد)، ولم أر من تعرض لها بتوسع، وانظر نصوصا أخرى فيها في: "العلل ومعرفة الرجال"٢: ٣٦٧ فقرة ١٩٣، ٢٦٢٩، و"معرفة الرجال"٢: ٧٥ - ٧٨، ١٩٣، ١٩٥، ٢١٩، و"المعرفة والتاريخ"١: ٧٢١، ٢: ١٣٠، ١٣١، ٨٢٩ - ٨٣٠، و"تاريخ بغداد"١٠: ٣١٢، ١٤: ١٢٢ - ١٢٤، و"الكفاية" ص ٢٤١.
(٢) "سير أعلام النبلاء"٨: ٤٠٧.

<<  <   >  >>