للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بما صورته:

يا أدلاء الهدى ومصابيح الدجى

حياكم الله وبياكم وألهمنا الحق بتحقيقه

واياكم ها أنا من نوركم مقتبس وبضوء ناركم للهدى ملتمس

ممتحن بالقصور لا ممتحن ذو غرور

ينشد بأضلق لسان وأرق جنان:

ألا قل لسكان وادي الحمى هنيئألكم في الجنان الخلود

أفيضوا علينا من الماء فيضاً فنحن عطاس وأنتم ورود

قد استبهم قول صاحب الكشاف أفيض عليه سجال الألطاف، من مثله متعلق بسورة الخ

حيث جوّز في الوجه الأوّل كون الضمير لما نزلنا تصريحاً وحظره في الوجه الثاني تلويحا فليت

شعري ما الفرق بين سورة كائنة من مثل ما نزلنا وفأتوا من مثل ما نزلنا بسورة وهل ثمة حكمة خفية، أو نكتة معنوية أو هو تحكم بحت وهذا مستبعد من مثله فإن رأيتم كشف الريبة واماطة الشبهة والإنعام بالجواب أثبتم بأجزل الأجر والثواب، فكتب جوابه العلامة فخر الدين الجاربردي إلا أنه أتى بكلام معقد لا يظهر معناه فردّه العضد وشنع عليه ثم انتصر لكل منهما ناس من فضلاء ذلك العصر حتى طال الكلام في ذلك وألفت فيه رسائل منقولة برمتها في الأشباه والنظائر النحوية وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق ذلك بما لا مزيد عليه. قوله: (والضمير لما نزلنا الخ) شروع في بيان الوجوه المذكورة مع الزيادة على ما في الكشاف فذكر أنه إذا كان ظرفاً مستقراً صفة لسورة فارضمير يجوز رجوعه لما التي هي عبارة عن المنزل وللعبد فعلى الأوّل ذكر في من ثلاثة أوجه أحدها التبعيض ولما كان الأمر هنا باتفاق من الأصوليين والمفسرين للتعجيز اعترض على هذا بأنه يوهم أنّ للمنزل مثلا والعجز عن إتيان بعضه فالمماثلة المصرّح بها لا تكون منشأ للعجز كما سيأتي، وإنما قيل يوهم لأنّ المراد ائتوا بمقدار بعض ما من القرآن مماثل له في البلاغة والأسلوب المعجز فما قيل في جوابه أنه يدفعه مقام التحدي لا وجه له لأنه لا يدفع الإيهام، ومن قال هنا إن المراد بكونها بعض مثل ما نزلنا إنها مثله في حسن النظم وغرابة البيان من حيث كون مقاصده مقتصرة على إيجاب الطاعات والنهي عن الفواحش والمنكرات والحث على مكارم الأخلاق والأعراض عن الدنيا الفانية والإقبال على الآخرة الباقية مع ما فيها مما لا عين رأت ولا أذن سمعت لم يحم حول الصواب إذ لا وجه لهذه الحيثية سواء كانت مفسرة أو مقيدة كما لا يخفى على من عرف معنى الإعجاز وسيأتي لهذا تتمة عن قريب والقول بأنّ التبعيض غير صحيح لأنها لا تكون ظرفا مستقرّاً ليس بشيء ويردّه قوله: ومن الناس من يقول: وأمثاله كما صزحوا به ولا أدري ما غرّه فيه ٠ قوله: (أو للتبيين الخ) فالسورة المفروضة التي تعلق بها الأمر التعجيزي هي مثل المنزل في النظم وغرابة البيان والمعجوز عنه سورة موصوفة بذلك وكونها مثله في الإعجاز وعنوان السورة يدفع احتمال مماثلة الجميع كما قيل، وأمّا ما قيل من أنّ قوله بسورة كائنة من مثله يدل على التبعيض بلا تبيين فكيف بناهما على التفسيرية إلا أن يقال إنّ ابتداء التفسير كلمة من غير نظر لما قبله فكلام ناشئ من عدم معرفة أساليب كلام العرب. قوله: (ورّائدة عند الأخفش) فلا يمتنع عنده زيادتها في الكلام المثبت، والجمهور اشترطوا في زيادتها تقدّم نفي أو شبهه سواء كان مجرورها نكرة أو معرفة وهو خالفهم في ذلك كما في التسهيل والاعتراض عليه بأنه يوافقه فيه الكوفيون فضول من الكلام وقوله أي بسورة مماثلة الخ قيل إنه تفسير للزيادة وبه يتبين التبيين، وقيل إنه تفسير له على جميع الاحتمالات إمّ على الأخيرين فظاهر وأمّا على التبعيض فلأن المراد بكونه بعضاً من مثل القرآن أن يكون مماثلاَ له في البلاغة والا لم يكن بعضاً من مثله. قوله: (أو لعبدنا ومن للابتداء الخ) عطف على قوله لما نزلنا فإذا رجع الضمير للعبد لم

يحتمل التبعيض والتبيين والزيادة ويتعين الابتداء كما أنه إذا رجع لما لم يحتمل الابتداء أيضا والمراد بكونها للابتداء أن مجرورها مبدأ للفعل حقيقة أو حكماً سواء كان مكانا نحو سرت من البصرة أو زمانا نحو من أوّل الليل أو غيرهما نحو أنه من سليمان ومنع البصريون كونها

<<  <  ج: ص:  >  >>