للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لابتداء الغاية في الزمان، وقوله من كونه بشرا الخ بيان لحاله وهذا وان لم يرتضه المصنف رحمه الله أورده استيفاء للوجوه المحتملة فلا يرد عليه ما قيل من أنه لا وجه لتخصيص البشر مع أنه معجز للثقلين كما سيأتي في تفسير قوله: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ} [سورة الإسراء، الآية: ٨٨] الخ والتحدي كأن أوّلاً بمثل القرآن كما فئي قوله: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ} [سورة الطور، الآية: ٣٤] ثم بعشر سور في قوله: {فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ} [سررة هود، الآية: ١٣] ثم بسورة ما ومعنى الإتيان المجيء بسهولة سواء كان بالذات أو بالأمر والتدبر ويقال في الخير والشرّ والاً عيان والإعراض ثم صار بمعنى الفعل والتعاطي كما في قوله: {وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى} [سورة التوبة، الآية: ٥٤] وأصل فاتوا فأتيوا فأعل الإعلال المشهور. قوله: (والردّ إلى المنزل الخ) أي رجوع ضحمير مثله إلى قوله مما نزلنا أوجه من رجوعه للعبد مطلقا أو إذا كان ظرفا لغواً متعلقا بقوله فأتوا فلا يكون فيه ترجيح لكون الظرف صفة سورة مستقرّا كما قبل لاً نه إذا تعلق بقوله فأتوا فضمير مثله للعبد لا للمنزل فكلامه موافق لما في الكشاف ويرد عليه ما يرد عليه كما ستراه، واعلم أنّ الزمخشري لما جوّز في الوصفية عود الضمير لما وللعبد واقتصر على الثاني في تعلقه بقوله فأتوا ورد عليه أنه لم لا يجوز أن يكون الضمير حينئذ لما نزلنا أيضا كما جاء ذلك على تقدير كون الظرف صفة كما حكيناه لك آنفا، وأجاب الفاضل المحقق ومن تبعه بأنّ الأمر هنا تعجيزيّ باعتبار المأتي به والذوق شاهد بأنّ تعلق من مثله بالإتيان يقتضي وجود المثل ورجوع العجز إلى أن يؤتي منه بشيء ومثل النبيّ في البشرية والعربية موجود بخلاف مثل القرآن في البلاغة وأمّا في الوصفية فالمعجوز عنه الإتيان بالسورة الموصوفة وهو لا يقتضي وجود المثل بل ربما يقتضي انتفاءه لتعلق أمر التعجيز به، والحاصل أنّ قولك ائت من مثل الحماسة ببيت يقتضي وجود المثل بخلاف ائت ببيت من مثل الحماسة، وقد أجيب عنه بوجوه الأوّل أنه إذا تعلق بقوله فأتوا فمن للابتداء قطعا إذ لا مبهم حتى يبين ولا سبيل إلى البعضية لأنه لا معنى لإتيان البعض ولا مجال لتقدير الباء مع من لذكر المأتي به صريحاً وهو السورة ومن الابتدائية تعين كون الضمير للعبد لأنه المبدأ للإتيان لا مثل القرآن وفيه أن مبدأ الابتدائية ليس هو الفاعل حتى ينحصر مبدأ الإتيان بالكلام في المتكلم على أنك إذا تأمّلت فالمتكلم ليس مبدأ للإتيان بالكلام منه بل للكلام نفسه بل معنا. أن يتصل به الأ " لر الذي اعتبر له امتداد حقيقة أو توهماً كالبصرة للخروج والقرآن للسورة فاندفع ما قيل إن المعتبر من المبدأ هو الفاعليّ والمادّيّ والغائيّ لذلك الشيء أوجهه

يتلبس بها ولا يصح شيء منها هنا على أنّ كون مثل القرآن مبدأ مادّياً للإتيان بالسورة ليس بأبعد من كون مثل العبد مبدأ فاعليا له، وقد قيل على هذا أنه فرق بين كون المأتيّ به عرضاً مقتضيا للمحل وبين أن يكون جوهراً لا يقتضيه فإنه يجوز أن يقال أتيت من البصرة بكتاب ولا يجوز أتيت من البصرة بكلام وبسلام على الحقيقة بل ينبغي أن يقال أتيت من أهل البصرة فلا يقاس مبدئية القرآن للإتيان بسورة على مبدئية- البصرة للخروج لاستدعاء مبدئية القرآن للإتيان بسورة منه أن يكون القرآن متصفاً بالإتيان بسورة منه بخلاف الخروج من البصرة فإنه لا يستدعي أن تكون البصرة متصفة بالخروج وكما أن البصرة لا يجوز أن تكون مبدأ للإتيان بالكلام كذلك لا يجوز أن يكون القرآن مبدأ للإتيان بالسورة الذي هو التكلم بها فما قاله من أنّ المبدأ الذي تقتضيه من الابتدائية هو الفاعل ليس على إطلاقه بل هو على تقدير أن يكون المأني به عرضاً كالكلام فاتصاف المبدئية لازم كما يلزم ذلك إذا رجع الضمير للعبد وليس بشيء كما لا يخفى. الثاني أنه إذا كان الضمير لما ومن صلة فأتوا والمعنى فأتوا من منزل مثله بسورة فمماثله ذلك المنزل لهذا هو المطلوب لا مماثلة سورة واحدة منه بسورة من هذا والمقصود خلافه كما نطقت به الآي الآخر، وفيه أن إضافة المثل إلى المنزل لا تقتضي أن يعتبر موصوفه منزلاً ألا ترى أنه في الوصفية ليس المعنى بسورة من منزل مثل القرآن بل من كلام وكيف يتوهم ذلك والمقصود تعجيزهم عن أن يأتوا من عند أنفسهم بكلام من مثل القرآن ولو سلم فما ادّعاه غير بين ولا مبين الثالث أنها إذا كانت صلة فأتوا فالمعنى ائتوا من عند

<<  <  ج: ص:  >  >>