ومعناه أنتخذ دينا عبادة ألف رب من الأصنام، وتقسم الأمور بمعنى تفرّقت الأحوال من تسمهم الدهر فتقسموا أي تفرّقوا فهو مبنيّ للفاعل، ووقع في بعضها مجهولاً وله وجه أيضا أي إذا انقسمت الأمور وفوّض اختيار هأ االأمر إليّ لإختار ربا واحدا أم ألف رلت أي كيف أترك رباً واحدا وأختار أربابا متعددة وهذا كقوله تعالى:{أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} اسورة يوسف، الآية: ٣٩] وتوله ولهذا أي لقصد التشنيع والتهكم، والمراد بالألف التكثير لا خصوصيته واللات والعزى صنمان مشهوران سيأتي بيانهما. قوله:(ومفعول ئعلمون مطرح الخ) في الكشاف معناه وحالكم وصفتكم أنكم من صحة تمييزكم بين الصحيح والفاسد والمعرفة بدقائق الأمور وغوامض الأحوال والإصابة في التدابير والدهاء والفطنة بمنزل لا ندفعون عنه، وهكذا كانت العرب خصوصا ساكنو الحرم من قريش وكنانة لا يصطلي بنارهم في استحكام المعرفة بالأمور وحسن الإحاطة بها ومفعول تعلمون متروك، كأنه قيل وأنتم من اهل العلم والمعرفة، والتوبيخ فيه آكد أي أنتم العرّافون المميزون ثم إنّ ما أنتم عليه في أمر ديانتكم من جعل الأصنام لله أنداداً هو غاية الجهل ونهاية سخافة العقل، وهذا هو الوجه الأوّل الذي ذكره المصنف رحمه الله، ومطرح افتعال من الطرح بمعنى الرمي والترك وفي نسخة مطروح وهما بمعنى أي ترك نسيا منسياً وقصد إثبات حقيقة الفعل مبالغة من غير تقدير لمتعلق لتنزيله منزلة اللازم وأهل العلم أصحابه ممن قام به والأهل في غبر هذا يكون بمعنى المستحق، والنظر بمعنى الفكر لا الرؤية البصرية، والتأمّل التدبر واعادة النظر مرّة بعد أخرى، وهو في الأصل تفعل من الأصل وهو الرجاء وأدنى بمعنى أقل وأقرب والعلم يتعدى لمفعولين أو ما يقوم مقامهما. كان المفتوحة المشددة ومدخولها فالمراد بالمفعول في كلام المصنف جنسه لا الواحد حتى يقال إنه إشارة إلى أنّ العلم هنا، بمعنى المعرفة متعدّ لمفعول واحد وقوله اضطز عقلكم الخ برفع عقلكم ونصبه لأنه يقال ضرّه إلى كذا واضطرّه إذا ألجأه إليه وليس له منه بدّ كما في المصباح أي أعلمهم بالضرورة وجود صانع بجب توحيده في ذاته
وصفاته لا يليق أن يعبد سواه فسقط ما قيل عليه من أنّ الأولى أن يقول لاضطرّ عقلكم إلى التوحيد الصرف وردّ الشرك في العبادة لأن الكفار قائلون بانفراده بوجوب الذات وايجاد الممكنات كما قال تعالى:{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[سورة الزخرف، الآية: ٨٧] كما صرّح به قبيل هذا في قوله وما زعموا أنها تساويه الخ. قوله:(أو منويّ الخ) المنوفي والمقدّر بمعنى في اصطلاحهم، إلا أنه يلاحظ في التقديرات جانب اللفظ وفي النية الذهن وقوله وهو الخ أي المفعول المقدر قوله أنها لا تماثله وهو سادّ مسد مفعولي العلم، كما مرّ ولما كانت المماثلة عامّة لجميع وجوه المشابهة عطف عليه قوله ولا تقدر على مثل ما يفعله لأنه المقصود بالذات وأثبته بالآية المذكورة فالواو على ظاهرها وقيل إنها بمعنى أو الفاصلة لظهور أنّ المفعول ليس المجموع والثاني بيان له وسقوطه في غاية الظهور وإنما غرّه كلام الكشاف وأشار بقوله أنها الخ كالزمخشرفي إلى أنّ المفعول حذف للقرينة الدالة عليه كما قاله الفاضل اليمنيّ وقول الطيبيّ إنما حذف على هذا القصد التعميم لئلا يقصر على المذكور دون غيره ليس بمناسب لكلام الشيخين. قوله:(وعلى هذا فالمقصود به التوبيخ الخ) التوبيخ الإنكار بمعنى ما كان ينبغي أن يكون نحو أعصيت ربك أو لا ينبغي أن يكون في المستقبل كما في التلخيص وشروحه، والتثريب التعيير والتقبيح وهو قريب منه، واختلف في المراد بقوله هذا فقيل المراد على تقدير كونه حالاً فيشمل الوجهين وفيه مخالفة للكشاف حيث خص التوبيخ بالأوّل وقيل المراد على الوجه الثاني لأنه على الأوّل يمكن إرادة التوبيخ والتقييد فإنه لا تكليف إلا على من قدر على النظر وقيل إنما قصر على هذا لأنّ التوبيخ في الأوّل أظهر وليس فيه احتمال التقييد والزمخشري لما لم يتعرّض