للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للتوبيخ في هذا وتعرّض! له في الأوّل عكس المصنف رحمه الله صنيعه تعريضا بالاعتراض عليه وذهب بعض أرباب الحواشي إلى أنه لو كان القصد من هذه الحال تقييد الحكم كان المعنى لا نهي عن اتخاذ الأنداد حال كونهم جاهلين، وهو فاسد لأنّ العالم والجاهل القادر على العلم سيان في التكليف وقيد الجاهل بالمتمكن من العلم احترازاً عن الصبيّ والمجنون وإنما فرّع هذا على الأخير مع أنّ الحال مقيدة على أيّ وجه كان، لأنّ العلم على الوجه الأوّل مناط التكليف لأنه لا يكون إلا عند كمال العقل فكأنه قال انتهوا عن الشرك حال وجود أهلية التكليف فحينئذ يصح معنى مفهوم المخالفة، وهو أنه لا تكليف عليكم عند عدم الأهلية بخلاف الوجه الأخير لأنه قيد الحكم بتعلق العلم بالمفعول وليس مناط التكليف إنما مناطه العلم فقط فعلى هذا لا يفيد التقييد معنى صحيحاً بالنظر لمفهوم المخالفة لأنه يؤدّي إلى أنه لا نهي عن الشرك عند عدم العلم بأن الأنداد لا تماثله وهو باطل

وهو مبنيّ على مذهب الشافعيّ في ١١ مفهوم وعندنا التقييد على الوجهين للتوبيخ قلت: كأنه لما كان التوبيخ معناه كما مرّ الإنكار لما في الواقع لأنه لا ينبغي أشار العلامة إلى أنه جار في الأوّل لأن ما هم عليه من ديانتهم بعبادة الأصنام أمر منكر مناد على غاية جهلهم ربمخافة عقلهم وأما الثاني فمفعوله المقدر وهو عدم المماثلة أو عدم القدرة على مصنوعاته ليس بمنكر في نفسه وإنما قصد به إلزامهم الحجة، أو يقال إنه اقتصر على بيان التوبيخ فيه لأنه الراجح عنده المهتم بيانه ويعلم الثاني بالقياس عليه كما يومئ إليه قوله آكد بأفعل التفضيل والمصنف رحمه الله لما رآه يؤول إليه معنى جعل التوبيخ مشتركا بينهما توضيحاً لما في الكشاف أو بيانا لأنه غير متعين وأمّا تخصيصه بالثاني وجعله مبنيا على مذهبه في مفهوم المخالفة فليس بشيء لأن الأوّل ليس مجرّد العقل والإدراك الذي هو مناط التكليف كما توهموه بل سلامة الفطرة وغاية الدهاء والذكاء فلو جعل قيدأكما قالوه كان البليد والغرّ الأحمق غير مكلف وهو مما لم يقل به أحد ففساده ظاهر لمن له أدنى بصيرة. قوله: (واعلم أنّ مضمون الآيتين الخ) هذا مأخوذ مما في الكشاف إلا أنه فيه جعله مقدّمة لتفسير الآيتين والمصنف رحمه الله جعله خاتمة وفذلكة ومراده بسطه ولكل وجهة، وفيه إشارة إلى أنّ المقصود من الآيتين أي من قوله يأيها الناس إلى هنا الأمر بالعبادة الدال عليه قوله اعبدوا، والنهي عن اتخاذ الشريك للواحد القهار المستفاد من قوله لا تجعلوا الخ وأدرج النفي في النهي لتقارب معنييهما ولأنه المراد من النفي لأنه خبر بمعنى الإلاء ولأنه يعلم بالمقايسة عليه وفي عبارته إشارة إلى أنّ الأمر والنهي صريح فيهما وعلة الحكم وهو السبب الداعي إليه والمقتضي المستلزم له ليس بصريح وإنما يعلم من ترتيب الأمر على صفة الربوبية وتعليقه بها فإنه يقتضي عليتها وتقدمه رتبة وان تأخر في الذكر، ولذا قال المصنف رحمه الله: رتب الأمر بالعبادة على صفة الربوبية، والمراد بالعلة في قوله إشعاراً بأنها العلة لوجوبها الدليل الدال على وجوبها، وقوله ثم بين ربوبيته الخ إشارة إلى قوله الذي خلقكم الخ وهو وصف للرب مبين له ومثبت له بطريق البرهان، وما يحتاجون إليه في معاشهم أي في تعيشهم وحياتهم من الرزق والأمور الضرورية كالملبس والمسكن والمأكل والمشرب وهو إشارة إلى قوله الذي جعل لكم الأرض! فراشاً الخ والمقلة بزنة اسم الفاعل من اتله إذا حمله هي الأرض لأنهم عليها وهي تحملهم والمظلة بزنته من قولهم أظله إذا جعل عليه ظلة وهي كالسقف لا من أظل بمعنى أقبل ودنا كأنه ألقى ظله عليه كما توهم لأنه معنى مجازي لا يلت! تجأ إليه مع ظهور الحقيقة وهي مبينة في اللغة والاسنعمال والمراد بها السماء وقد

شاع هذا حتى صار حقيقة فيهما، وفي الحديث أيّ أرض تقلني وسماء تظلني وقوله والمطاعم الخ إشارة إلى ما تضمنه قوله وأنزل من السماء ماء الخ وأدخل المشرب في المطعم فإنه يشمله كما في قوله ومن لم يطعمه فإنه مني، وقوله فإنّ الثمرة أعمّ الخ إشارة إلى ما قاله الراغب من أنّ الثمرة ما يحمله الشجر ثم عمّ لكل ما يكتسب ويستفاد حتى قيل لكل نفع يصدر عن شيء هو ثمرته، فيقال ثمرة العلم العمل فيشمل كل رزق من مكل ومثرب وملبس سواء كان من النبات كالقطن والكتان أم لا. قوله: (ثم لما كانت هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>