للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظلمات ظرفاً للمثل لأنّ المراد أنّ مثله هو كونه في الظلمات والمقصود الحكاية وليس تقدير الزمخشري هو إلا لأجل التوضيح لذلك وليس بضروري، فإن المثل بمعنى الصفة وهي مبهمة، وقوله في الظلمات الخ مبين لتلك الصفة ولش! الضمير الذي فيه يرجع للمثل حتى يلزم ما توهمه لأنّ الخبر عين

المبتدأ فلا يحتاج إلى عائد كما إنه لو قدر هو كذلك فتأمّله فإنه حقيق بالتأمّل، ومن فسر كلام المصنف بما في الكشاف وشروحه فقط خبط هنا إلا أنّ ما قاله الزمخشري أحسن لأنّ خبر مثله لا يكون إلا جملة تامّة والظرف بغير فاعل ظاهر لا يؤدّي مؤدّاه كقوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ} [سورة الرعد، الآية: ٣٥] فاعرفه، وقوله للفصل ولأنه لا يخبر عن المبتدأ إلا بعد ذكر ما هو من تتمته مع أنّ المعنى ليس عليه فالمراد بقوله صفته صفته الغريبة العجيبة فإنّ المثل مخصوص به وتركه اعتماداً على ما تقدم في سورة البقرة فلا يرد عليه ذلك كما قيل، وقوله للفصل أي بالخبر ولضعفها من المضاف إليه لا لعدم مساعدة المعنى كما قيل. توله: (كما زين الخ) قيل هذا بعيد والظاهر أن يجعل المشار إليه إيحاء الشياطين، وكأنه إنما قدّره بقرينة سبب النزول فالمراد بالمؤمنين حمزة وعمر وعمار رضي الله عنهم والكافرين أبو جهل فإنّ الأوّلين زين لهم إسلامهم وهو زين له عمله. قوله: (أي كما جعلنا في مكة كابر مجرميها الخ) قال الطيبي: هذا مشعر بأنّ قوله أو منك ان ميتا الآية متصل بقوله: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [سورة الأنعام، الآية: ١٢١] لأنّ الضمير المرفوع للمسلمين والمنصوب للمشركين وهم الذين قيل فيهم: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ} [سورة الأنعام، الآية: ١٦ ا] وهم الذين قالوا للمسلمين: إنكم تزعمون إنكم تعبدون الله فما قتل الله أحق أن تأكلوا مما قتلتم أنتم والجملة الشرطية أي وان أطعتموهم إنكم الخ متضمنة لإنكار عظيم وقوله: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [سورة الأنعام، الآية: ١٢٢] الخ أمّا حال مقرّرة للإنكار إذ الموحد والمشرك لا يستويان فتأمله. قوله: (ومفعولاه أكابر مجرميها على تقديم المفعول الثاني الخ (إذا كان جعل بمعنى صير تعدّى لمفعولين واختلف في تعيينهما فقيل في كل قرية مفعول ثان مقدم وأكابر مجرميها بالإضافة هو الأوّل، وقيل أكابر مفعول أوّل ومجرميها بدل منه فاله أبو البقاء، وقيل أكابر مفعول ثان قدم ومجرميها مفعول أوّل لأنه معرفة فتعين إنه هو المبتدأ بحسب الأصل والتقدير جعلنا في كل قرية مجرميها أكابر فيتعلق الجارّ والمجرور بالفعل، ولما كان في كل عصر مجرم كان معلوما، وإنما المطلوب كونه من الرؤساء، واعترض على هذا أبو حيان بأنه خطأ وذهول عن فاعدة نحوية وهي إن أفعل التفضيل إذا كان بمن ملفوظا بها أو مقدرة أو مضافا إلى نكرة كان مفرداً مذكرا دائما سواء كان لمفرد مذكر أو لغيره، فإن طابق ما هو له تأنيثا وجمعا وتثنية لزمه أحد أمرين إما الألف واللام أو الإضافة إلى معرفة فالقول بأنّ مجرميها بدل من أكابر أو مفعول خطأ لالتزامه أن يبقى مجموعا وهو غير معرف بأل ولا مضاف لمعرفة وذلك لا يجوز، قال: وقد تنبه لهذا الكرماني إذ قال: إضافة أكابر إلى مجرميها

لأنّ أفعل لا يجمع إلا مع الألف واللام أو الإضمافة ولو قال إلى معرفة لكان أولى، وهو غير وارد لأنّ أكابر وأصاغر أجرى مجرى الأسماء لكونه بمعنى الرؤساء والسفلة، وما ذكره إنما هو إذا بقي على معناه الأصلي، ويؤيده قول ابن عطية رحمه الله إنه يقال: أكابرة كما يقال أحمر وأحامرة كما قال:

إنّ الأحامرة الثلاث تولعت

وانّ ردّه أبو حيان بأنه لم يعلم أحد من أهل اللغة والنحو أجاز في جمع أفضل أفاضلة

وفيه نظر، وأمّا الجواب بأنه على حذف المضاف المعرفة للعلم به أي أكابر الناس، أو أكابر أهل القرية فلا يخفى ضعفه. قوله: (ويجوز أن يكون مضاقاً إليه إن فسر الجعل بالتمكين الخ) كون الجعل بمعنى التمكين أي الاستقرار في المكان إنما هو إذا تعدى لمفعول واحد وكأن هذا إنما جاء من تعلق في كل قرية به وقد قدم إنه إذا تعدى لواحد يكون بمعنى خلق، وبه صرّج النحاة، ولما كان غير مناسب هنا فسره بما ذكر وهو راجع لمعنى التصيير، وقيل إنه عطف على قوله مجرميها بدل ولا يلزم أن يكون بمعنى التمكين بل يجوز كونه بمعنى التصيير والظرف مستقرّ أي صيرنا أكابر مجرميها موجودين في كل قرية، وعلى تفسيره بالتمكين فالتمكين حيحئذ من المكان وان جعل من المكنة لا يصح إلا بجعل ليمكروا مفعولاً ثانياً، أي مكنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها أي جعلناهم متمكنين للمكر

<<  <  ج: ص:  >  >>