للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولِ اللهِ ثُمَّ سجدَ وكان أول ما وصل إلى الأرض ركبتاه.

وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف سعيد بن عبد الجبار، فقد قال فيه البخاريُّ في " التاريخ الكبير " ٣/ ٤٠٥ (١٦٥١): «فيه نظر»، وقال النَّسائيُّ في "الضعفاء والمتروكون " (٢٦٥): «ليس بالقويِّ»، وقال ابن عدي في "الكامل " ٤/ ٤٣٨: «وليس لسعيد بن عبد الجبار كثير حديث، إنَّما له عن أبيه، عن جده أحاديث يسيرة نحو الخمسة أو الستة»، وخالف الجميع ابن حبان فذكره في " الثقات " ٦/ ٣٥٠.

وهذا الإسناد أشد ما يقال فيه لين، لحال سعيد، فإنْ قيل: بل هو شديد الضعف لأنَّ البخاريَّ لا يطلق وصف " فيه نظر " إلا عندما يكون الراوي متهماً، بدليل ما قاله الذهبي في " الميزان " ٢/ ٤١٦: «ولا يقول هذا إلا فيمن يتهمه غالباً»، وقال في ٣/ ٥٢: «وقلّ أنْ يكون عند البخاريِّ رجل فيه نظر إلا وهو متهم» فنقول: الناظر في كلام الإمام الذهبي سيجد قوله: «قلّ» أو: «غالباً» أنَّ هناك أفراداً لا ينطبق عليهم هذا الوصف، فقد أطلق البخاريُّ هذا الوصف على جملة من الرواة الذين اتهموا بوضع الحديث كـ: (عثمان بن فائد) (١)، وقالها أيضاً في بعض الرواة الذين يعتبر بهم كـ: (علي بن مسعدة) (٢) و (حيي بن عبد الله المعافري) (٣). والناظر في حال سعيد سيجد أنَّه لم يجرح بما يخل في عدالته، ولم يقدح به ذلك القدح السمين، فيكون عدادُ سعيد بعلي ومسعدة وطبقته (٤).

ومما تقدم يتبين أنَّ حديث وائل بن حجر يروى من أربعة طرق لا يخلو كل منها من مقال، ولكن بجمع بعضها إلى بعض ينتقل الحديث من ضعيف إلى حسن لغيره، وهذه القرينة الأولى القوية في ترجيح حديث وائل على


(١) انظر: " ميزان الاعتدال " ٣/ ٥١.
(٢) وهو: «صدوق، له أوهام» " التقريب " (٤٧٩٨).
(٣) وهو: «صدوق، يهم» " التقريب " (١٦٠٥).
(٤) وانظر: تحرير علوم الحديث: ٦٠٤ (لعبد الله بن يوسف الجديع)، و " لسان المحدّثين " ٤/ ٢٠٢ - ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>