للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث أبي هريرة الذي عانى الغرابة في إسناده، وقد تقدم بيان أنَّ طريق الدراورديِّ منقوض بطريق عبد الله بن نافع، فإذا قدم إسناد الدراوردي على إسناد شريك، قدم حديث وائل؛ لأنَّه يروى من أربعة طرق يعضد بعضها بعضاً.

وأما القرينة الثانية: فإنَّ متن حديث أبي هريرة قد اختلف على الرواة بثلاث صور لا يمكن الجمع بينها، في حين أنَّ حديث وائل لم ينقل عنه غير صورة واحدة، وهذا دليل رجحانه على حديث أبي هريرة.

كما أنَّ لحديث وائل شواهد، إلا أنَّها لا تصح.

فأخرج: ابن أبي شيبة (٢٧١٤)، وأبو يعلى (٦٥٤٠)، والطحاوي في "شرح المعاني" ١/ ٢٥٤ و في ط. العلمية (١٤٨٠)، والبيهقيُّ ٢/ ١٠٠ من طريق محمد بن فضيل، عن عبد الله بن سعيد - وهو سعيد بن أبي سعيد المقبري - عن جده، عن أبي هريرة يرفعه: «إذا سجدَ أحدُكم فليبتدئ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرك بروك الفحل (١)».

وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف عبد الله بن سعيد، فقد نقل ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ٥/ ٨٥ (٣٣٦) عن أحمد أنَّه قال فيه: «منكر الحديث، متروك الحديث»، ونقل البخاريُّ في " التاريخ الكبير " ٥/ ١٥ (٣٠٧) عن يحيى القطان أنَّه قال فيه: «استبان لي كذبه في مجلس»، وقال النَّسائيُّ في "الضعفاء والمتروكون " (٣٤٣): «متروك الحديث».

قلت: وهذا الحديث لعله مما اقترفته يداه وذلك أنَّ قوله: «فليبتدئ بركبتيه» أغرب بها عن الدراورديِّ وعبد الله بن نافع في حديثيهما، عن أبي هريرة، وأين هذا الراوي المتروك حتى ينفرد عن مثل هذين الراويين، فبمثل هكذا إغرابات وتفرّدات يعرف زيغ الراوي عن جادة الصواب.

وقد روي نحو هذا الحديث عن أنس، ولا يصح.

فأخرجه: الدارقطنيُّ ١/ ٣٤٤ ط. العلمية و (١٣٠٨) ط. الرسالة،


(١) في رواية البيهقي: «الجمل».

<<  <  ج: ص:  >  >>