الحديث المختصر منه، بل يكفي وجود المعنى، إذ لربما اختصر الراوي
الحديث، ثم روى اللفظ المختصر بالمعنى فلا يبقى رابط بينهما سوى المعنى، وهذا ما نجده في حديثنا هذا، وبه يندفع اعتراض ابن التركماني ومن قلده.
ومع هذا فإن كلام ابن التركماني المتقدم في أنَّ المختصر لابد أن يكون في المختصر منه مع زيادة، فهو كلام لا يساوي سماعه؛ إذ أنَّ الحصرَ بينٌ في الروايتين المختصرة والمختصر منها، فعلى ذلك كلامه مجرد تهويل.
وقد روى شعبة هذا الحديث عن شخص آخر عن سهيل.
أخرجه: الطبراني في " الأوسط "(٦٩٢٩) في كلتا الطبعتين من طريق يحيى بن السَّكن، عن شعبة، عن إدريس الكوفي، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «لا وضوءَ إلا منْ صوتٍ أو ريحٍ».
قال الطبراني:«ولم يدخل أحد ممن روى هذا الحديث عن شعبة بين شعبة وسهيل: إدريس إلا يحيى بن السكن».
وهذا الحديث علته الاختصار أيضاً في متنه مع زيادة علة أخرى في الإسناد.
وفيه يحيى بن السكن قال عنه أبو حاتم في " الجرح والتعديل " لابنه ٩/ ١٩١ (٦٤٣): «ليس بالقوي»، و قال الخطيب في " تاريخ بغداد " ١٦/ ٢٢٠ ط. الغرب:«وكان أبو الوليد يقول: هو يكذب»، وقال أبو علي صالح بن محمد:«يحيى بن السكن لا يساوي فلساً»، وقال الذهبي في "الميزان " ٤/ ٣٨٠ (٩٥٢٥): «ليس بالقوي، وضعّفه صالح جزرة».
ومما يدل على لِيْن هذا الراوي أنه خالف ستة من الرواة وهم من هم في الحفظ والإتقان لا سيما في شعبة، إذ رواه الطيالسي وابن الجعد ووكيع وغندر (١) وبندار وعبد الرحمان، فلم يذكر أحد منهم إدريس الكوفي بين شعبة
(١) وقد ذكرنا في كتابنا هذا أكثر من مرة قول ابن المبارك: «إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم بينهم» " تهذيب الكمال " ٦/ ٢٦٥ (٥٧٠٩).