للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعطي المتن اهتماماً بالغاً» (١).

وقد بوب ابن خزيمة قبل حديث شعبة المذكور فقال: «باب ذكر خبر روي مختصراً عن رسول الله ، أوهم عالماً ممنْ لم يميز بين الخبر المختصر والخبر المتقصي، أنَّ الوضوء لا يجب إلا من الحدث الذي له صوت أو رائحة».

وقال في الباب الذي بعد الحديث: «والدليل على أنَّ النَّبيَّ إنَّما أعلم أنْ لا وضوءَ إلا من صوتٍ أو ريحٍ عند مسألة سئل عنها في الرجل يخيل إليه أنَّه قد خرجت منه ريح فيشك في خروج الريح. وكانت هذه المقالة عنه : «لا وضوءَ إلا منْ صوتٍ أو ريحٍ» جواباً عما عنه سئل فقط لا ابتداء كلام، مسقطاً بهذه المسألة إيجاب الوضوء من غير الريح التي لها صوت أو رائحة. إذ لو كان هذا القول منه ابتداء من غير أنْ تقدمته مسألة كانت هذه المقالة تنفي إيجاب الوضوء من البول والنوم والمذي، إذ قد يكون البول لا صوت له، ولا ريح، وكذلك النوم والمذي لا صوت لهما ولا ريح وكذلك الودي».

قلت: إذا ذهبنا نستجلي حقيقة الأمر بطريق البحث العلمي المستند إلى حقائق الأمور وقواعد أصحاب هذا الفن، نجد أنَّ أبا حاتم الرازي لم يحكم بهذا الحكم من غير بينة، إذ أشار في تضاعيف كلامه إلى أنَّ مستنده في الحكم بوهم شعبة واختصاره للحديث: مخالفته لجمهور أصحاب سهيل، وهذا هو المنهج العلمي الذي يتبعه أئمة الحديث في معرفة ضبط الراوي، وذلك من خلال مقارنة روايته برواية غيره، كما تبين قبل قليل.

ولا يطعن في إمامة شعبة ودينه - فهذا أمر وهذا أمر آخر-، ومن ذا الذي لا يخطئ. ولا يشترط أنْ يكون لفظ الحديث المختصر موجوداً في


(١) قال الدارقطني فيما نقله المباركفوري في" تحفة الأحوذي " ٢/ ٧١، وابن حجر في " التهذيب " ٤/ ٣١٤: «كان شعبة يخطئ في أسماء الرجال كثيراً؛ لتشاغله بحفظ المتون».

<<  <  ج: ص:  >  >>