للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعليه فقول ابن حجر بشمول الوزن للكافر وأعماله خلاف الراجح من أقوال أهل العلم، وجوابه عن الآية بما ذكر مبني على قول من قال بشمول الوزن للكافر وأعماله والراجح خلافه كما سبق.

واختلف أيضًا في الميزان هل هو واحد أم متعدد، والخلاف في ذلك أيضًا جارٍ في أقوال أهل السنة والجماعة.

والراجح - والله أعلم - ما قرره ابن حجر من أن الميزان ميزان واحد، وهو قول أكثر أهل العلم (١).

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "الأكثر على أنه إنما هو ميزان واحد، وإنما جمع باعتبار تعدد الأعمال الموزونة فيه" (٢).

وقول ابن حجر إن الوزن على أقسام ثلاثة يشهد له الأدلة الواردة في الوزن والموزونات، وقد ساق ابن حجر للأول والثاني ما يدل عليها، وترك الاستدلال للثالث، وهو وزن الإيمان بجميع السيئات والكفر بجميع الحسنات.

فأما وزن الإيمان بجميع السيئات فيشهد له حديث البطاقة، وفيه: "يصاح برجل من أمتي على رؤوس الأشهاد يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعون سجلًا، كل سجل منها مد البصر، ثم يقول الله عز وجل: أتنكر من هذا شيئًا، فيقول: لا يا رب، فيقول عز وجل ألك عذر أو حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا يا رب، فيقول عز وجل: إن لك عندنا حسنات وإنه لا ظلم عليك، فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله؛ فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول عز وجل: إنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة" (٣).


(١) انظر: التذكرة (٢/ ٢٥)، النهاية (٢/ ٢٢)، تفسير ابن كثير (٣/ ٢٠٠)، شرح الطحاوية (٢/ ٦٠٩)، تحرير المقال (ص ١٥٨)، تحقيق البرهان (ص ٣١ - ٣٢)، روح المعاني (٨/ ٨٤)، لوامع الأنوار (٢/ ١٨٦)، لوائح الأنوار (٢/ ١٩٦).
(٢) تفسير ابن كثير (٣/ ٢٠٠).
(٣) أخرجه الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء فيمن يموت وهو شهيد (٥/ ٢٤) =

<<  <   >  >>