للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما اشتراط خرق العادة فلا يصح لوجهين:

الأول: أن العادة أمر نسبي لا ينضبط، فقد يكون الأمر عادة عند قوم دون غيرهم.

الثاني: أن هذا لا يختص بالأنبياء، فقد شاركهم فيه غيرهم، كالساحر مثلًا فقد يأتي بما هو خارق لعادة من شاهده ولا يستطيع الحاضرون معارضته، مع أن ما أتى به ليس خارقًا لعادة السحرة أمثاله (١).

وأما اشتراط اقتران التحدي بها فلا يصح لكون التحدي لم يقع في كثير من دلائل الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- (٢).

وأما تفسيره له بدعوى النبوة وأمن المعارضة فمردود من وجوه:

الأول: أن آيات الأنبياء على قوله هذا لم تتميز بصفة تختص بها، إنما تكون آية إن اقترنت بدعوى النبوة، وإلا فلا، فالدليل والبرهان يكون دليلًا إن استدل به، وإن لم يستدل به فليس دليلًا، وهو باطل (٣).

الثاني: أن هناك من الأشخاص من ادعى النبوة كاذبًا، وجرى على يديه بعض الخوارق، ولم يعارض، ومع ذلك عرف الناس كذبه، ولم يصدقوه كما في مسيلمة الكذاب (٤)، والأسود العنسي (٥) وغيرهما (٦).


= (ص ١٧٠)، الإرشاد (ص ٢٦٠)، المواقف (ص ٣٣٩)، وشرحها (٨/ ٢٢٢ - ٢٣٠)، شرح المقاصد (٥/ ١١ - ١٣).
(١) انظر: النبوات (١/ ١٧٣، ١٦٤، ١٦٥، ١٧٠).
(٢) انظر: المحلى (١/ ٣٦)، الفصل (٥/ ٢، ٦)، النبوات (١/ ٥٤١)، الجواب الصحيح (٦/ ٣٠٨، ٤٠٨، ٤٩٦).
(٣) انظر: النبوات (١/ ٢٢٩، ٦٠٣، ٦٠٥).
(٤) هو مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي، أبو ثمامة، ادعى النبوة، وتلقب بالرحمن، حتى عرف برحمان اليمامة، قتل سنة ١٢ هـ.
انظر: شذرات الذهب (١/ ٢٣)، الأعلام (٧/ ٢٢٦).
(٥) هو عيهلة بن كعب بن عوف العنسي المذحجي، ذو الحمار، أسلم يوم أسلمت اليمن، ثم ارتد عن الإسلام، وادعى النبوة، قتل سنة ١١ هـ.
انظر: الأعلام (٥/ ١١١).
(٦) انظر: النبوات (١/ ٢٤٢).

<<  <   >  >>