للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويموتون أجمعون، وكذلك أهل السماوات إلا ما شاء الله، ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم؛ فإن الرب تعالى وتقدس لا يموت، بل هو الحي الذي لا يموت أبدًا" (١).

وقد اختلف الناس في الملائكة هل يموتون أم هم ممن استثنى الله؟

يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني - رَحِمَهُ الله - في شرحه لحديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "أعوذ بعزتك، الذي لا إله إلا أنت، الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون" (٢): "قوله: "والجن والإنس يموتون" استدل به على أن الملائكة لا تموت، ولا حجة فيه ... ولا اعتبار له، وعلى تقديره فيعارضه ما هو أقوى منه، وهو عموم قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨]، مع أنه لا مانع من دخولهم في مسمى الجن؟ لجامع ما بينهم من الاستتار عن عيون الإنس" (٣).

والقول بموت الملائكة هو الذي عليه أكثر الناس، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رَحِمَهُ الله -: "الذي عليه أكثر الناس أن جميع الخلق يموتون حتى الملائكة وحتى عزرائيل ملك الموت ... والمسلمون واليهود والنصارى متفقون على إمكان ذلك وقدرة الله عليه؛ وإنما يخالف في ذلك طوائف من المتفلسفة ... ومن دخل معهم من المنتسبين إلى الإسلام أو اليهود والنصارى ... ممن زعم أن الملائكة هي العقول والنفوس، وأنه لا يمكن موتها بحال، بل هي عندهم آلهة وأرباب هذا العالم" (٤).

وبما سبق يتضح موافقة ابن حجر - رَحِمَهُ الله - لما دلت عليه النصوص وقرره أهل العلم فيما يتعلق بوجود الملائكة، وخلقهم، وعددهم، وأعمالهم، وموتهم، سوى ما ذكره من كون الملائكة خلقوا من العناصر الأربعة لعدم ورود الدليل عليه - كما سبق -.


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٢٨٧).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (٤/ ٢٣٠٥) برقم (٧٣٨٣).
(٣) فتح الباري (١٣/ ٣٧٠).
(٤) مجموع الفتاوى (٤/ ٢٥٩)، وانظر: الحبائك (ص ٢٧٢).

<<  <   >  >>