للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأحسبه كان يفعل ذلك في الأوقات، يقوم الإبل لاختلاف الصرف. فجعل الشافعي دية الكتابي: أربعة آلاف، ولم ينقلها بنقل عمر - رحمه الله - دية المسلم بالصرف، وإنما جعلها عمر - رضي الله عنه - نصف دية المسلم *، ونحن نتكلم هذا في موضعه إن شاء الله عند ذكر الديات والقصاص في الجراح، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت (١)، وقال أهل العراق: الدية عشرة آلاف (٢). وأصح الروايات عن عمر - رضي الله عنه -: اثنا عشر ألفاً، وعن عائشة مع ما قدمنا ذكره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣).

وولد العبد الصغير إذا عقل الإسلام يجري مجرى أبيه، والله أعلم.

قال الله تبارك وتعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (٤).

قوله: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (٥) إذ ليس هناك مستحق الدية، إذ كان أولياؤه كفاراً (٦)،


(١) يأتي قريباً عند تفسير آخر هذه الآية.
(٢) الحجة لمحمد بن الحسن: ٤/ ٢٥٥، أحكام القرآن للجصاص: ٢/ ٣٣٤.
(٣) قال البيهقي في سننه: ٨/ ٨٠ وممن قال الدية اثنا عشر ألف درهم: ابن عباس، وأبو هريرة، وعائشة رضي الله عنهم.
(٤) [سورة النساء: الآية ٩٢]
(٥) [سورة النساء: الآية ٩٢]
(٦) قال مالك في قوله: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} فهو من أسلم ولم يهاجر من مكة فلا دية له، لقول الله تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: ٧٢].
[النوادر والزيادات: ٣/ ٣٥٤، ١٣/ ٤٨٩].

قال القرطبي: وهو المشهور من قول مالك. [الجامع لأحكام القرآن: ٥/ ٣٢٤].
وممن وافق مالك في المشهور عنه: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن في المشهور عنهما، والصحيح من مذهب الشافعي، ورواية عن أحمد، وهو قول ابن عباس، وعكرمة، وإبراهيم، والسدي، والأوزاعي، والثوري، وأبي ثور. [الأم: ٦/ ٣٥، تفسير الطبري: ٥/ ٢٠٧، أحكام القرآن للجصاص: ٢/ ٣٣٩، المغني: ١١/ ٤٦٥، روضة الطالبين: ٩/ ٣٨١].
وذهب القاضي عبد الوهاب من المالكية إلى أن الكفارة والدية تجب في قتل الخطأ على أي وجه كان في دار الحرب أو الإسلام. وهو رواية عن أحمد، وأحد قولي الشافعي. [الإشراف: ٢/ ٨٤٣، المغني: ١١/ ٤٦٥، روضة الطالبين: ٩/ ٣٨٢].

<<  <   >  >>