للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: إثباتُ ما دلَّ عليه هذان الإسمان من صفةٍ، العليمُ دلَّ على العِلْمِ. والقديرُ على القدرةِ، وكلُّ اسمٍ من أسماءِ اللهِ متضمِّنٌ لصفةٍ أو أَكْثَرَ وليست كلُّ صفةٍ يُشْتَقُّ منها اسمٌ، انتبهْ كُلُّ اسمٍ من أسماءِ اللهِ فهو متضمِّنٌ لصفةٍ أو أكْثَرَ ولا يُشْتَقُّ من كلِّ صفةٍ اسمٌ للهِ. وبه نَعْرِفُ أنَّ الصفاتِ أكثرُ من الأسماءِ.

الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: إثباتُ المشيئةِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لقولِهِ تعالى: {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} لا أَحَدَ يُجْبِرُه على أن يَخْلُقُ أنثى أو ذكرًا، بل له عَزَّ وَجَلَّ المشيئةُ التَّامَّةُ في خَلْقِه، واعلمْ أَنَّه كلما ذَكَرْتَ المشيئةَ للهِ عَزَّ وَجَلَّ فإنَّها مقرونةٌ بالحكمةِ، وانتبهْ لهذه النُّقطةِ يعني: أنَّ مشيئةَ اللهِ ليست مشيئةً مجرَّدَةً، بل هي مقرونةٌ بالحكمةِ.

والدَّليلُ على هذا قولُ اللهِ تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسانِ: ٣٠]، {عَلِيمًا حَكِيمًا} بعد أن قال {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} فَعُلِمَ من هذا أنَّ مشيئةَ اللهِ تابعةٌ لعِلْمِه وحِكْمَتِه، وأَنَّه لا يشاءُ شيئًا مشيئةً مجرَّدَةً بل لا بدَّ أن تَكُونَ مقرونةً بالحِكمةِ، وهذا في كلِّ نصٍّ يأتيكَ فيه ذِكْرُ المشيئةِ للهِ فاعلمْ أنَّها مقرونةٌ بالحكمةِ.

ثمَّ قال عَزَّ وَجَلَّ لمَّا ذَكَرَ خَلْقَه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأنَّه هو الخالِقُ له المشيئةُ المُطْلَقَةُ ذَكَرَ شيئًا آخَرَ وهو الشَّرعُ، لو تأمَّلْتَ الآياتِ القرآنيَّةَ لَوَجَدْتَ أنَّ اللهَ تعالى يَذْكُرُ الشَّرعَ قبل القَدَرِ، اقرأ: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [الرحمنِ: ١ - ٢]، بَعْدَها {خَلَقَ الْإِنْسَانَ} [الرحمن: ٣]، فبدأ بالشَّرْعِ عَلَّمَ القرآنَ خَلَقَ الإنسانَ. وقال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلقِ: ١ - ٢]، فبدأ بالقراءةِ، وهكذا تَجِدُ هذه القاعدةَ مُضْطَرِدَةٌ إلَّا أن يَكُونَ هناك سببٌ لتقديمِ الخَلْقِ على الشَّرعِ.

* * *

<<  <   >  >>